أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحة

مستقبل الطب 2015


مستقبل الطب 2015

الطب النانوي في العقود القادمة
إطلاق الإنسالات(١) النانوية!(*)

قد يأخذ التغلب على التحديات التقنية كلها 20 عاما أو أكثر،
لكن الخطوات الأولى نحو الطب المضبوط عن بعد قد بدأت.

<L. گرينيميير>

 

باختصار

   في يوم من الأيام سيسافر أسطول من الأدوية والأدوات النانوية إلى أي مكان يحتاج إلى أن تصل إليه داخل الجسم بقوتها الذاتية، مستخدمة محركات وأنواع وقود متوافقة بيولوجيا للوصول إلى ضالتها.

بيد أن الباحثين يجب أن يتعلموا، قبل أن يأتي ذلك اليوم، كيف سيصممون هذه المركَّبات بحيث تتحرك دون أذية لأي من الوظائف الحيوية السوية أو تدخل فيها.

وعلى المدى القريب، يقوم العلماء بتوليد حقول مغنطيسية وموجات فوق صوتية لدفع الجسيمات النانوية إلى المناطق المستهدفة. ولكن مثل هذه الطرق لا تستطيع النفاذ عميقا في الجسم.

الإنسالات النانوية المصنوعة من الدنا DNA هي بديلٌ آخر. وبعض هذه المركّبات مصممة لتعمل كصناديق تفتح وتطلق شحنتها في ظروف نوعية فقط.

 

 

 

يتضمن المستقبل بعيد المدى، كما يتصوره باحثو الطب النانوي، عوامل علاجية مذهلة فائقة الدقة تبحر بذكاء بقوتها الخاصة إلى هدف معين، وفقط إلى ذاك الهدف في أي مكان من الجسم. وعند وصولها، قد تعمل هذه المكنات ذاتية التوجيه self-guided وفق أي عدد من الطرق – ابتداء بإيصال حمولتها الدوائية الطبية وصولا إلى إعطاء فكرة آنية عن كل جديد يطرأ على حالة عملية مكافحة المرض التي تقوم بها. ومن ثم، وبعد إنجاز مهمتها، ستتدرّك حيويّاbiodegrade بأمان ليكون الأثر الذي تتركه وراءها زهيدا أو معدوما. وسيجري تكوين هذه الأدوات، التي تسمى إنسالات نانوية nanobots، من مواد متوافقة مع الحياة أو من معادن مغنطيسية أو حتى من خييطات filaments من دنا: وقد اختيرت هذه المواد كلها بعناية استنادا إلى خصائصها المفيدة في مقاساتها الذرية، إضافة إلى قدرتها على اجتياز دفاعات الجسم من دون تخريبها ومن دون إثارة أي أذى خلوي.

ومع أن احتمال أن يحتاج إنجاز هذه الرؤية إلى عقدٍ أو اثنين من الزمن، بدأ الباحثون في الطب بالتصدي لبعض المشكلات التقنية. وأحد التحديات الأكبر هو التأكد من أن هذه الأدوات النانوية the nanodevices ستصل إلى هدفها في الجسم.

قوة موجية(**)

إن معظم الأدوية الموجودة في الأسواق اليوم تعوم بسهولة عبر الجسم ضمن مجرى الدم، سواء بعد حقنها مباشرة إلى الدم، أم بعد امتصاصها إلى مجرى الدم من السبيل المَعِدي المعوي the gastrointestinal في حالة حبوب الأدوية. لكن هذه الأدوية لا تسير إلى حيث الحاجة إليها فحسب، بل أيضا إلى أماكن من الجسم قد تسبب مضاعفات غير مرغوب فيها. وبالمقابل، فالأدوية النانوية المتطورة ستكون مصممة لكي تُوجّه إلى ورم ما أو إلى موقع مشكلة آخر، حيث تطلق حمولتها الدوائية؛ مما يخفض فرص حدوث آثار جانبية.

إن الحقول المغنطيسية والموجات فوق الصوتية هي أبرز الطرق المرشحة لتوجيه الأدوية النانوية على المدى القريب، حسبما يقول <J. وانگ> [رئيس  قسم الهندسة النانوية وأستاذ متميز من جامعة كاليفورنيا في سان دييگو]. ففي المقاربة المغنطيسية، يقوم الباحثون بتضمين جسيمات نانوية من أكسيد الحديد أو النيكل، على سبيل المثال، ضمن دواء معين. وبعد ذلك يستعملون مصفوفة من مغنطيسات دائمة موضوعة خارج فأر أو غيره ليدفعوا أو يسحبوا الدواء المعدني عبر الجسم إلى الموقع المختار، من خلال دولبة(٢)حقول مغنطيسية مختلفة. أما في حالة الموجات فوق الصوتية، فقد وجه الباحثون موجات صوتية إلى فقاعات نانوية حاوية للدواء، مما تسبب بتفجيرها بقوة كافية تسمح لحمولة الفقاعة بالنفاذ عميقا ضمن النسيج أو الورم المستهدف.

لـقــد أضــاف بــاحـثــون طــبـيّـــون مــن جــــامـعـتــي Keele و Nottinghamبإنكلترا، إلى مقاربتهم المغنطيسية في العمل الذي استهدف شفاء عظام مكسورة. فقد ربطوا جسيمات أكسيد الحديد النانوية بخلايا جذعية فردية ثم حقنوا المستحضر في بيئتين تجريبيتين مختلفتين: عظم فخذ دجاج جنيني ودعامة عظمية صنعية من هلامات الكولاجين المائية المهندسة نسيجيا. وبمجرد وصول الخلايا الجذعية إلى الكسر، استخدم الباحثون حقلا مغنطيسيا خارجيا مذبذبا لتحريك الإجهاد الميكانيكي سريعا على الجسيمات النانوية التي تنقل بدورها القوة إلى الخلايا الجذعية. وقد ساعد هذا النوع من الإجهاد الميكانيكي الحيوي الخلايا الجذعية على التمايز بفاعلية أكبر إلى نسيج عظمي. وقد حدث نمو عظمي جديد في كلتا الحالتين على الرغم من أن الشفاء الإجمالي كان متفاوتا. ويأمل الباحثون في النهاية بأن إضافة عوامل النمو المختلفة إلى الخلايا الجذعية المرصعة بأكسيد الحديد، ستجعل عملية التصليح أيسر، كما يقول <J. هينستوك> [الباحث المشارك بعد الدكتوراه في الطب من معهد كيلي للعلوم والتقانة].

أدوية نانوية مستقلة ذاتيا(***)

وتتمثل العوائق الأساسية للمقاربات المغنطيسية والصوتية بالحاجة إلى توجيه خارجي – وهو مرهق – وفي حقيقة محدودية نفاذ الحقول المغنطيسية والموجات فوق الصوتية في الجسم؛ يمكن التغلب على هذه المشكلات بتطوير «مُحرِّكات دقيقة مستقلة ذاتيا» لإيصال الحمولة العلاجية.

وستعتمد مثل هذه المحركات الدقيقة على التفاعلات الكيميائية للدفع، لكن السُّمّيّة toxicity قضية مطروحة. فعلى سبيل المثال، ستولد أكسدة الگلوكوز، جزيء السكر الموجود في الدم، بيروكسيد الهدروجين الذي يمكن استخدامه كوقود. لكن الباحثين يعرفون من قبل أن هذه المقاربة الخاصة لن تعمل على المدى الطويل؛ فبيروكسيد الهدروجين يتلف النسيج الحي، والگلوكوز في الجسم لا يُنتِج من بيروكسيد الهدروجين ما يكفي لتشغيل المحركات الدقيقة. وتعتمد الجهود الواعدة أكثر على استخدام مواد أخرى موجودة بشكل طبيعي، مثل حمض المعدة (للتطبيقات في المعدة) أو الماء (الوفير في الدم والأنسجة)، كمصادر تشغيلية.

بيد أن الملاحة المضبوطة بهذه الأدوات ذاتية الدفع قد تكون عقبة أكبر. فمجرد أن تتمكن الجسيمات النانوية من الحركة في أي مكان لا يعني أنها سترحل بالضرورة إلى حيث يريد الباحثون بالضبط. فالتسيير المستقل ذاتيا ليس خيارا بعد، لكن قد يكمن الحل في التأكد من أن الأدوية النانوية تصبح فاعلة فقط عندما تجد نفسها في البيئة الصحيحة.

ولإنجاز هذه الحيلة، بدأ باحثون بابتكار آلات نانوية nanomachines غير الأشكال التخليقية للدنا. فبتطبيق وحيدات الجزيء بطريقة تجعل شحناتها الكهربية تجبرها على التطوي في هيئة خاصة، يمكن للعلماء هندسة البنى لأداء المهام المختلفة. فعلى سبيل المثال، يمكن لبعض شدف الدنا أن تطوي ذاتها ضمن حاويات ستفتح وتطلق محتواها فقط عندما تصادف الرزمة بروتينا مهما في عملية المرض أو تصادف الظروف الحمضية داخل الورم، حسبما تقول <Y. كريشنان> [أستاذة الكيمياء من جامعة شيكاغو].

تتصور <كريشنان> وزملاؤها كيانات أكثر تقدما من وحدات بنائية مصنوعة من الدنا الذي يمكن برمجته للمهام المختلفة كالتصوير أو حتى تجميع إنسالات نانوية أخرى. ولكن الدنا التخليقي عالي التكلفة حتى الآن، إذ تصل تكلفته إلى نحو 100 ضعف من تكلفة المواد التقليدية الأكثر استعمالا في إيصال الأدوية؛ ولذا، فسعره يمنع شركات الأدوية حتى الآن من الاستثمار فيه كمرشح للمعالجات، حسب قول <كريشنان>.

وقد يكون هذا كله بعيدا كل البعد عن بناء أسطول الغواصات الذكية التي تُذكّرنا بغواصة پروتيوس Proteus في فيلم Fantastic Voyage في عام 19666. ومع  ذلك، فالإنسالات النانوية تتحرك أخيرا في ذلك الاتجاه.

 

المؤلف

  Larry Greenemeier
  <گرينيميير> محرر مشارك في مجلة ساينتفيك أمريكان. http://oloommagazine.com/Images/Articles/2015/11-12/2015_12_11_20.png

  مراجع للاستزادة

 

Motion Control at the Nanoscale. Joseph Wang and Kalayil Manian Manesh in Small, Vol. 6, No. 3, pages 338–345; February 5, 2010.
Designer Nucleic Acids to Probe and Program the Cell. Yamuna Krishnan and Mark Bathe in Trends in Cell Biology, Vol. 22, No. 12, pages 624–633; December 2012.
Remotely Activated Mechanotransduction via Magnetic Nanoparticles Promotes
Mineralization Synergistically with Bone Morphogenetic Protein 2: Applications for Injectable Cell Therapy. James R. Henstock et al. in Stem Cells Translational Medicine, Vol. 3, No. 11, pages 1363–1374; November 2014.

(*)LAUNCH THE NANOBOTS!

(**)WAVE POWER

(***)AUTONOMOUS NANOMEDS

(1) إنسالات جمع إنسالة، وهي نحت من إنسان-آلة.

(2) manipulating

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى