أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
بيولوجياعلم الحيوان

لا تحتاج الطيور إلى ممارسة بتمارين رياضية لتحافظ على لياقتها من أجل الرحلات الطويلة

لا تحتاج الطيور إلى ممارسة بتمارين رياضية لتحافظ على لياقتها من أجل الرحلات الطويلة

الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬التمرّن‭ ‬الطوعي‭ ‬قد‭ ‬تكون‭ ‬موجودة‭ ‬عند‭ ‬البشر‭ ‬فقط

بقلم‭: ‬إليزابيث‭ ‬بينيسي‭ – ‬نيوأورليانز،‭ ‬لويزيانا

إن أي شخص استيقظ صباحاً بعد آخر في هذا الأسبوع ليقوم بتمرين مجهد وربما مؤلم ليحقق أحد قرارات السنة الجديدة، سوف يحسد الإوزة ذات الرأس المخطط Bar-headed geese، فهذا الطائر لديه قوةٌ وقدرةُ تحمل ليطير 3000 كيلومتر فوق جبال الهيمالايا، من مكان تكاثره في منغوليا إلى الأرض التي يقضي فيها الشتاء في الهند، لكن دراسة جديدة تشير إلى أنه لا يقوم بأي تمرين تحضيراً لذلك السفر.

إذ أعلن تقرير الأسبوع الفائت في الاجتماع السنوي لجمعية علم الأحياء التكاملي والمقارن Society for Integrative and Comparative Biology أن الدراسة التي أجريت على الإوز هي واحدة من عدة أمثلة على طيور يمكنها فعليا أن تنطلق في ماراثون من دون أي تحضير، على النقيض تماماً من البشر، إذ نحتاج إلى التمارين المنتظمة للحفاظ على لياقتنا. ويشير إلى ذلك جيف ياب Jeff Yap عالم فيسيولوجيا تطورية في جامعة سايمون فريزر Simon Fraser University في بارنابي بكندا قائلاً: “يبدو ذلك أمراً بديهياً أن الحيوانات ستحتاج إلى زيادة قدرتها التمرينية أو لياقتها الجسدية لتتأقلم مع مستوى النشاط المتزايد،” لكن يبدو أنها لا تفعل لك، والعلماء يتساءلون عن السبب.

وفي العام الماضي، عندما قام لويس هولزي Lewis Halsey عالم في الفيسيولوجيا البيئية من جامعة رويهامبتون University of Roehampton في المملكة المتحدة بالبحث عن دراسات حول ما إذا كانت الحيوانات تباشر طوعاً في نشاط جسدي إضافي -أي تمرين- فقط من أجل أن تكتسب اللياقة، ولم يجد هولزي تقريباً أي دراسة ناقشت هذا السؤال بشكل مباشر.

لكن مؤخراً، بدأ علماء الأحياء بفعل ذلك بمساعدة تقنيات تحديدٍ أفضل لتعقب الهجرات والنشاطات الشاقة الأخرى أثناء مراقبة العلامات الحيوية ووسائل أخرى صريحة أكثر تهدف إلى زيادة النشاط الجسدي للحيوانات في المختبر.

فعلى سبيل المثال، قامت لوسي هوكس Lucy Hawkes، عالمة إيكولوجيا فيسيولوجية في جامعة إكسيتر University of Exeter في الولايات المتحدة، بإعادة تحليل البيانات التي جمعتها وزملاؤها عن الإوز ذي الرأس المخطط قبل وبعد هجراتها الشاقة. وأثناء تغيير الطيور لريشها Molted في موطن تكاثرها في منغوليا، أمسك الباحثون بالعشرات منها وميزوها وجهزوها بأجهزة تحديد موقع GPS ومقياس تسارع وأجهزة مصغرة لقياس معدل ضربات القلب ودرجة حرارة الجسم والارتفاع. وفي دراسة أولية، تشير البيانات المسترجعة من هذه الأدوات، بعد 31 يوماً من رحلة الطيور إلى الهند وعودتها، إلى أن الإوز اتبع طريقاً متعرجاً فوق الجبال ليستفيد بأكبر نسبة من تيارات الرياح (Science, 16 January 2015, p. 250).

أما الآن، فقد بحثت هوكس في هذه السجلات لترى ما إذا كانت هذه الطيور تقوي نفسها من أجل هذه الرحلات عبر تكثيف نشاطها في الأسابيع والأيام السابقة لهجرتها، وفيما إذا تغير أدنى معدل ضربات قلبها ودرجة حرارتها -وهما مؤشران على مستوى اللياقة. تفاجأت هوكس أن الطيور لم تفعل شيئاً لتحضر للسفر وبقي معدل ضربات قلبها ودرجة حرارتها ثابتين، حسب ما أعلنت في الاجتماع وقالت: “لا يوجد دليل على أنها تصبح أكثر لياقة أو أكثر نشاطاً.”

اشتبهت هوكس في أن الطيور ليست بحاجة لتتمرن لأن تركيبة أجسادها ببساطة هي أفضل من البشر فيما يخص تزويد العضلات بكميات وفيرة من الأكسجين وافر لعضلاتها، فعندما تتنفس الطيور لا يدخل الهواء فقط إلى الرئتين، بل أيضاً إلى أكياس هواء داخلية تؤمن إمداداً مستمراً من الأكسجين للرئتين، ولأنها تطير على ارتفاعات منخفضة فقد طورت طيور الإوز ذوات الرأس المخطط قلباً يمكنه أن ينبض أسرع، وسطحاً رئوياً أرق، وبروتينَ هيموغلوبين أكثر فاعلية من بقية الطيور. تقول هوكس: “هذه الطيور جيدة في الحصول على الأكسجين والاستفادة منه جيداً لدرجة أنها أصلا ذات لياقة.”

في العام الماضي، حدد العلماء أن الإوز ذا الرأس الأبيض Barnacle geese الذي يهاجر من النرويج أو روسيا أو غرينلاندا إلى المملكة المتحدة لا يبدو أنه يزيد مستويات نشاطه قبل السفر أيضاً، لكنه يحصل على بنية عضلية بطريقة ما قبل السفر. ويقول هولزي: “يبدو أن هنالك على الأرجح نوع من المحفِّز الداخلي المنشأ يحرض هذا النمو العضلي، إذ تصبح هذه الطيور ذات لياقة جسدية من دون حتى أن تقوم بأي تمرين لتحريض ذلك.”

وهنالك دراسات على عصفور زيبرا Zebra finches المُربّى في الأَسْر أُعلِنت في الاجتماع واقترحت أنه في بعض الأنواع على الأقل، قد يكون التمرين الزائد مؤذياً. فقد صمم ياب تمريناً مغذياً للعضلات يدرب فيه عصافير الزيبرا لتلتقط البذور عبر حفرة وهي جالسة على عصا قصيرة جداً، ثم في النهاية، أزال العصي جميعها حتى تتمكن العصافير من الطيران والتحويم لتلتقط البذور، وقاس معدل الاستقلاب والصفات الوظيفية الفيسيولوجية الأخرى قبل وبعد الدراسة، وفحص أيضاً العضلات ودهون الجسم عند الطيور مع التمرين ومن دونه. وأعلن ياب في الاجتماع قائلاً: “رأينا تغيرات صغيرة مفاجئة في الوظيفة والشكل.”

لكنه لاحظ أن الطيور التي تحصل على تمارين إضافية عانت تدهورا خلويا نتيجة جذور الأكسجين وجزيئات أخرى مشحونة تطلقها العضلات النشطة، وتساءل ياب عمّا إذا كان الجهد قد سبب خللاً في إعادة الإنتاج، وهو احتمال يحقّق فيه ياب الآن.

إن البشر، وبالأخص أولئك الذين يتمتعون بالسعرات الحرارية الإضافية في الحمية الغربية، قد يكون عليهم أن يعملوا بجهد أكبر ليحافظوا على لياقتهم لأن البشر لم يتطوروا ليكونوا مهاجرين لمسافات طويلة أو حتى ليكونوا نشيطين بشكل مستمر، كما اقترح كريستوفر غاغليلمو Christopher Gaglielmo عالم إيكولوجيا فيسيولوجية في جامعة ويسترن Western University في لندن بكندا. ويشير قائلاً: “إذا لم تكن بحاجة إلى أن تبقى نشيطاً، فلم الحفاظ على اللياقة،”  إذ إن ذلك يؤدي إلى صرف طاقة ويمكن أن يسبب إصابات تأكسدية.

يشتبه هولزي في أننا لسنا وحدنا الكائنات التي تحتاج إلى التمرين لتبقى لائقة جسدياً، ويقول: “من غير المرجح أننا (الحيوانات) الكائنات الوحيدة على هذه الحال.” بالتأكيد، يعتقد هولزي أن المزيد من الدراسات حول عادات التمرّن عند عالم الحيوانات ستكشف عن أنواع أخرى يتعين عليها أن تمرّن عضلاتها لتحافظ عليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى