أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فلك وعلم الكونياتكيمياء

نظرية انفجار أكبر: تعليم الذرات خدعا جديدة لمتفجرات أقوى – Bigger bang theory: teach atoms new tricks to beef up explosives

بقلم: ديفيد هاملبنغ David Hambling
ترجمة: أ. د. محمد قيصرون ميرزا

Bigger bang theory

إن السيطرة على مواد لم تُصنع من قبل قد تعطي انفجارات كبيرة قادرة على إطلاق صواريخ إلى المريخ

بعينين غائمتين تلاحظ أن آلة القهوة تعلن جاهزية قهوة الصباح، وتعتذر لباب الثلاجة وأنت منهمك باحثا عن الحليب. وتحدد موقع السكّر عند زاوية النضد متجنبا الملح بالكاد. نحتاج للطاقة. هل تكفي ملعقة واحدة أم اثنتان؟ وفجأة ينفجر المكان كله.

من السهل نسيان أنه باستطاعة السكر أن يكون متفجرا، فهو، لكل غرام من الوزن نفسه، أقوى بأربع مرات من مادة TNT شديدة الانفجار. وقد يؤدي النسيان في هذه الحالة إلى عواقب مأساوية. ففي عام 2008 اشتعل سكر ناعم جدا في مصفاة بمدينة سافانا بولاية جورجيا مسببا انفجارا أودى بحياة 14 ضحية.

من حسن الحظ أن دفع السكر إلى الانفجار في الظروف الطبيعية يتطلب الكثير، إلا أن الأمر ليس كذلك لمادة النيتروغليسيرينNitroglycerin ، وهو المتفجِّر المفضل للصوص الأيام الخوالي: فهو غير مستقر بشكل مرعب ويشق عنان السماء عند أي اهتزاز بسيط. ويقع المتفجر المثالي – عنده قدرة لكن يمكن السيطرة عليه بسهولة في الوقت نفسه – في مكان ما بين السكر والنيتروغليسيرين، وأن يكون قادرا على تخزين الكثير من الطاقة في روابطه الكيميائية ويطلقها بسهولة ولكن ليس بسهولة كبيرة. وهنا تكمن المشكلة. إذ إن الجميع، من عمال المناجم والعسكريين إلى البعثات المتطلعة إلى الوصول إلى المريخ، يسعون إلى انفجارات أكبر بتكلفة أقل، قدّمت الكيمياء التقليدية لهم بشكل أو بآخر كل ماتستطيعه من أفضل المتفجرات التي لديها.

ولذا تتقدم الكيمياء غير التقليدية إلى الواجهة. إذ تقوم بضعة مختبرات حول العالم بتحري جيل جديد من “المواد النشطة عالية التدمير” التي تولّد الأمل بالحصول على قدرة تدميرية أكبر من أي وقت مضى. وقد يتجاوز بعضها السكر بشكل كبير – ويسمح لنا أن نسعى إلى النجوم.

وقد كان السعي إلى متفجرات أفضل محفوفا بالمخاطر دوما. ولا يعرف أحد من الذي اكتشف لأول مرة الخواص التفجيرية لنترات البوتاسيوم Potassium nitrate المعروفة بالملح الصخري Saltpeter، المكوّن النشط للبارودGunpowder ، وكانت تستعمل في الصين قبل نحو ألف سنة. إلا أن أولى التجارب التي خصصت لمعرفة كيفية عملها لم تبدأ إلا في نهايات القرن الثامن عشر بالمعهد الملكي الناشئ في لندن. ولم يكتشفْ ألفرد نوبل أنه عندما تمزج نترات الغليسيرين في الصخور الأرضية فإنه يمكنك تصنيع نسخة أكثر جفافا وأقل قوة بقليل وأكثر أمانا للتعامل معها إلا بعد أن انفجر مصنعه عام 1864 موديا بحياة أخيه الأصغر. وبعد ذلك مباشرة استُخدم الديناميت لتفجير المناجم وشق الأنفاق والسكك الحديدية وأقنية الماء، مما جعل نوبل فاحش الثراء.

ولاتزال أعمالُ البناء، وكذلك الجيش، الزبونَ الرئيس للمتفجرات. وتُنتَج أكثر المتفجرات تدميرا بالطبع من شطر النواة الذرية، إلا أن القنابل النووية مصممة حتى لا تُستخدم. ومن المستبعد تماما أن تُسخَّر للعمل في الانفجارات السلمية بسبب صعوبة التحكم في التفاعلات النووية والمخلَّفات المشعة الخطرة الناتجة منها. ويقود اهتمامُ الجيش للحصول على متفجرات كيميائية أفضل الرغبةَ في نسخ أقوى من الأسلحة التقليدية، مثل أم Mother of all bombs (اختصارا: القنبلة MOAB) التي تحتوي على أكثر من ثمانية أطنان من المتفجرات التي ألقتها الولايات المتحدة على الجهاديين في أفغانستان في بداية هذا العام، أو لتصنيع طائرات صغيرة من دون طيار (درونات) Drones مُحمّلة بقنابل صغيرة لها التأثير الفتاك نفسه  كالذخيرة التقليدية كاملة الحجم.

إلا أنه خلال الجزء الأكبر من قرن كامل كان لأؤلئك الساعين إلى قدرة تدميرية أكبر هدفٌ آخر أسمى هو استكشاف الفضاء. ويتطلب الهروب من جاذبية الأرض دفعا كبيرا، وفي عام 1903 توصل العالم الروسي كونستانتين تشيولكوفسكي Konstantin Tsiolkovsky إلى معادلات الصاروخ التي لا تزال تحكم جهودنا لتحقيق ذلك. ويأتي في صميم علم الصواريخ نفث غاز حار متفجر متمدد يتجه إلى الأسفل مولدا قوة ردة فعل تدفع الصاروخ للأعلى.

ولكن هناك مشكلة كبيرة في ذيل الصاروخ، إذ كلما زاد الدفع الذي تسعى إلى توليده كلما زادتْ كمية الوقود التي تحتاج إليها. وكلما زادت كمية الوقود التي تحملها، زاد معها الدفع اللازم للإقلاع. وتؤدي هذه المعضلة التي لا يمكن الهروب منها إلى أنه من المستحيل أن يولّد البارود دفعا كافيا للوصول إلى الفضاء مهما كانت الكمية التي تستعملها. وتستخدم الصواريخ الحديثة مزيجا من الهيدروجين السائل والأكسجين السائل له كثافة طاقة أكبر من البارود بكثير. ومع ذلك، فإن مجرد 2% من وزن الإقلاع هو حمولة وأكثر من 80% هي الدافع. ولا يستطيع الصاروخ أن يصل إلى مداره إلا بالتخلص من الوزن خلال حركته. ولهذا السبب نحتاج إلى صواريخ متعددة المراحل تتخلص من خزانات الوقود خلال ارتفاعها.

ويقول إيان جونستون Ian Johnston، من شركة روكيت وركشوبس Rocket Workshops في المملكة المتحدة، إنه يمكن أن تحصل على عشرة أضعاف أو خمسة عشر ضعفا من الحمولة من أجل الحجم للصاروخ نفسه بواسطة وقود أفضل، وهذا قد يجعل إطلاق الأقمار الاصطناعية (السواتل) Satellites  ذات جدوى اقتصادية أعلى مما يتيح إمكانات جديدة لمشاريع أكبر مثل استكشاف المريخ وإقامة قواعد قمرية بطواقم بشرية. ويقول جونستون: «يمكنك بواسطة وقود أفضل أن تحصل على مركبة فضائية تصل إلى مدارها بخزان وقود واحد، ويصير تعبير إنها تغيّر قواعد اللعبة game changer تعبيرا غير مُعبِّر إطلاقا.»

ألماس وفشار Diamonds and popcorn

هناك طريقة جيدة لتغيير اللعبة بتغيير قواعدها. ويعتمد منهج بحث لتحقيق ذلك على الفضول الذي كان يتملك الجمعية الملكية Royal Society في الستينات من القرن السابع عشر عندما كان يطلق على البارود مجازا قطرات الأمير روبرت Prince Rupert’s drops. وتتشكل قطرات الأمير روبرت، وهي حليّ من قطع زجاجية تشبه أفراخ الضفادع حديثة الولادة، من زجاج منصهر يُبرَّد بسرعة شديدة. وأطلق عليها هذا الاسم نسبة إلى أمير الراين روبرت وهو ابن عم الملك تشارلز الثاني الذي كان أول من أحضرها إلى إنجلترا. وتتسبب الطريقة التي تتشكل بها هذه القطرات إلى تركها تحت إجهاد عال جدا بحيث ترتد عنها مطرقة من دون أن تحطمها، ولكن لو كسرْت ذيلها ينحسر الإجهاد عندئذ عنها فجأة مطلقا موجة تمرُّ عبر القطعة فتفتتها إلى مسحوق.

وتستند هذه القدرة الانفجارية على إطلاق إجهاد ميكانيكي وليس طاقة كيميائية. وقد كانت جنيفر سيزاك-جنكنز Jennifer Ciezak-Jenkins وزملاؤها في مختبر الجيش للأبحاثArmy Research Laboratory  (اختصارا: المختبر ARL) تختبر المبدأ نفسه باستخدام ألماسات نانوية الأبعاد. ويتشكل الألماس عند درجات عالية من الحرارة والضغط فقط، مثل تلك الموجودة في عمق قشرة الأرض. وهي شكل من أشكال الكربون “شبه المستقر”. ولذا، فهي مستقرة ضمن شروط محيطة ولا تتفتت إلى جرافيت إلا وفق مقاييس زمنية كونية.

وتنتج الطاقة بشكل أسهل إذا كان الألماس صغيرا جدا. وقد صنع الباحثون الطبيّون بالفعل ألماسات ذات أبعاد نانوية لاستخدامها في علاج الأورام، وبعد ذلك يسلطون عليها ضوءا فوق بنفسجي، مما يؤدي إلى تمددها بسرعة قاتلة الخلايا السرطانية.

وتُبقي تجارب المختبر ARL الألماسات النانوية تحت إجهاد هائل بإحاطتها بقفص من كربون مترابط سداسي الشكل، مثل كرة بكي بول Buckyball ]كرة ذات سطح مؤلف من قطع سداسية[. فعندما تنفجر الكرة يتحرر الإجهاد على شكل انفجار. وتقول سيزاك-جنكنز: «إن الألماسات النانوية تفرقع مثل الفشار.» وتقترح المحاكاة الحاسوبية أنه يمكن تحقيق هذا بواسطة تحطيم ألماسات نانوية ببعضها مولدة جسيمات كربون ذات سرعة وحرارة عاليتين. ويمكن لهذه الجسيمات الاحتراق بسرعة في جو من الأكسجين مما يجعلها مرشحا مثاليا لتكون دافعا للصواريخ.

إن هذا ليس سهلا في الممارسة العملية. لأن جعل الجسيمات تتسارع أمر صعب ويتطلب ليزرات عالية القدرة لإطلاق تفاعل انفجاري. وسنحتاج إلى ليزر ضخم لدرجة لا يمكن تحقيقها إذا أردنا استخدامه على مقاييس كبيرة.

ويشكك عالم المواد منور شودري Munawar Chaudhri من جامعة كيمبردج University of Cambridge، الذي عمل بشكل مكثف على دراسة قطرات الأمير روبرت، فيما إذا كان استخدام مواد تحت الإجهاد سيزيد كثيرا من إمكاناتها التفجيرية، ويوضح أن طاقة الإجهاد المختزنة في قطرات الأمير روبرت لا تتعدى أكثر من واحد من الألف من الطاقة الكيميائية في الوزن نفسه من المادة المتفجرة، وأن الأمر نفسه سيكون صحيحا أيضا على الأغلب للألماسات النانوية. ويقول شودري: «لا أعتقد أنه سيكون ممكنا إطلاق كميات كبيرة من الطاقة المخزونة خلال تصادم الألماسات النانوية.»

وإذا فشلت الألماسات النانوية في توليد موجات، فسنعود إلى الطاقة الكيميائية – لكن بشكل مغاير لما نعرفه. وكافة أنواع المتفجرات تقريبا، من البارود إلى الديناميت إلى نترات الأمونيوم التي تسيطر على الأسواق حاليا، تحتوي على كمية كبيرة من النتروجين. وترتبط ذرتان في جزيء النتروجين برابطة ثلاثية تطلق كمية من الطاقة عندما تنكسر. ويصل البولينتروجينPolynitrogen  بهذه الفكرة إلى نهايتها المنطقية. خذ مجموعة من ذرات النتروجين واربطها ببعضها في جزيء واحد كبير جدا ثم اكسر الروابط ثم … بوووووم! يقول الكيميائي كارل كريستي Kark Christie، من جامعة جنوب كاليفورنيا University Southern California في لوس أنجلوس: «إن البولينتروجين مرشح ممتاز لمواد ذات طاقة مدمرة.» وفي الواقع فإن النظرية تقترح أن قدرتها ستكون أكبر من مادة TNT بخمسة أضعاف.

ومضة في الوعاء  Flash in the pan

تبدأ التحديات العملية بشكل واضح من حقيقة عدم وجود بولينتروجينات. وتقترح النظريات أنها تتشكل، مثل الألماس، تحت شروط قاسية من درجة حرارة وضغط. ويبدو أنّ الطبيعة لم تحاول إجراء هذه التجربة، على الأقل ليس في جوارنا القريب. فالنتروجين الغازي يصير صلبا عند ضغط يصل إلى نحو 60000 درجة ضغط جوي، وتقترح النماذج أنّ تشكيل البولينتروجين يتطلب نحو مليوني درجة ضغط جوي. ولا توجد هناك ضمانات بأن البولينتروجين سيكون في حالة شبه مستقرة، مثل الألماس، حالما يُخفّض الضغط ثانية.

وقد قاد كريستي حملة بحثية في وكالة مشاريع البحوث المتقدمةAdvanced Research Projects Agency في وزارة الدفاع الأمريكية، خلال التسعينات القرن الماضي لتصنيع مركبات بولينتروجين، وفي عام 2002 نجح في عزل البنتانتروجين Pentanitrogen، وهو أيون يحتوي على خمس ذرات نتروجين. إلا أنه لم يتمكن من استخلاص كميات كبيرة منه على الإطلاق، وسيكون الحصول على جزيءيات بولينتروجين صافية ومتعادلة كهربائيا أكثر صعوبة. ويقول كريستي: «إن هذا بعيد المنال بسبب كون احتمال الاستقرار الحراري ضئيل جدا، ناهيك عن الحساسية العالية والصعوبة الكبيرة في التحضير.»

إلا أنه في أوائل هذا العام ذكر باحثون في جامعة نانجنغ للعلوم والتكنولوجيا Nanjing University of Science and Technology بالصين، أنهم طوروا كميات كبيرة من أيونات البنتانتروجين المشحونة بشحنة سالبة وذات شكل حلقيّ ضمن جزيء كبير – وهي خطوة أولى نحو كيمياء البولينتروجين المفيدة. وفي غضون ذلك، سعتْ سيزاك-جنكنز وزملاؤها إلى الوسيلة المباشرة. فتابعتْ عملها على بلورة النتروجين في معهد ماكس بلانك للكيمياء Max Planck Institute for Chemistry بمدينة مينز بألمانيا، وطورتْ تقنية لصناعة بولينتروجين متعادل في خلية ألماس سندانية Diamond anvil cell تولد ضغطا عاليا. والنتيجة هي سائل أزرق ذات كثافة تعادل ثلاثة أضعاف كثافة الماء وأكثر بخمسين مرة من كثافة الهيدروجين السائل، مما يسمح – نظريا – بحشر طاقة أكبر في حجم صغير.

والسائل عمليا غير مستقر عند درجة حرارة الغرفة ويتفاعل بشكل انفجاري عند التماس مع الهواء لأسباب لاتزال مجهولة للباحثين. وتمزح سيزاك-جنكنز في أنها تجلس على “احتياطي العالم” من البولينتروجين – ما مجموعه 5 جرامات مخزنة في وعاء تجميد عند درجة حرارة 77 كلفن. ويتطلب اختبار قدرته التفجيرية 10 غرامات على الأقل، ويجب إعادة ذلك الاختبار عدة مرات. ولايزال هناك فرصة جيدة بأنه سيكون نسخة حديثة من النيتروغليسيرين: قويٌّ لكنه عرضة لأن ينفجر بوجهك حتى يكون مفيدا.

ويمكن أن يخزِّن الهيدروجين المعدني طاقة أكبر بخمسين مرة من مادة TNT لكل غرام، لكن هل يمكننا تصنيع كمية كافية منه؟

ربما لن تكون للبولينتروجين الكلمة النهائية على أيّ حال. فسابقا حتى عام 1935 كان يتوقع أن تكون للهيدروجين حالة معدنية تتشكل، مثل الألماس والبولينتروجين، في درجة حرارة وضغط عاليين جدا فقط. ويمكن أن يحدث هذا طبيعيا في لبّ غازات ضخمة مثل كوكب المشتري. كما أنه يحتمل أن يكون شبه مستقر ليبقى في حالة معدنية بعد تشكله حتى في درجة حرارة وضغط طبيعيين. وإضافة إلى كل، فقد توّقع أن يخزن كميات هائلة من الطاقة – أكبر من مادة TNT بخمسين مرة تقريبا لكل غرام.

ويمكن أن يجعله هذا أكثر جموحا من البولينتروجين. إذ يبدو أنه في مطلع هذا العام أنتج فريق من جامعة هارفارد بقيادة إسحاق سيلفيرا Isaac Silvera كميةً صغيرة من هذه المادة باستخدام خلية ألماس سندانية قوية لضغط هيدروجين صلب. ولسوء الحظ فشلت الخلية بعد أن صنعوها مباشرة واختفت العينة الضئيلة التي لايزيد عرضها على 15 ميكرومترا وسمكها عن بضعة ميكرومترات.

وقد شكك باحثون آخرون في هذا الإدعاء وسيبقون كذلك إلى أن يستطيع الفريق إعادة التجربة. وإلى أن نستطيع قياس خواص المادة فلا يمكننا معرفة فيما إذا كانت على الأقل صلبة أم سائلة ناهيك عن كونها شبه مستقرة وقادرة على إطلاق طاقتها المخزونة بسرعة. ويقول عالم المواد يوجين غريغوريانزEugene Gregoryanz من جامعة إدنبره بالمملكة المتحدة: «قد يكون بإمكانك تشكيلها تحت ضغط يعادل خمسة ملايين من الضغط الجوي إلا أننا لا نعرف فيما إذا كانت ستكون غير مستقرة أو شبه مستقرة، عند ضغط جوي يساوي درجة واحدة.» ويشكك غريغوريانز فيما إذا كان ممكنا إنتاجها بالكميات التي تجعلها ذات فائدة. ويتابع قائلا: «إن الهيدروجين المعدني موجود من دون شك لكن استخدامه كوقود صواريخ بعيد الاحتمال تماما.»

غير أنّ سيزاك-جنكنز لاتزال تعتقد أنه يستحق المحاولة. وتقول إنّ فريقها يقوم بإجراء تجارب بالتعاون مع عدة مجموعات لاعتقادهم أن الهيدروجين المعدني قد يتغلب على البولينتروجين. ويشير سيلفيرا إلى أنه إذا تبين أن الهيدروجين المعدني شبه مستقر فيحتمل ألاّ تحتاج إلى كميات كبيرة في البداية أيضا. وسيكون من الممكن إنتاج كمية صغيرة بالسماح لذرات غاز الهيدروجين بأن تتكثف على سطحه. ويقول: «إذا وجدتْ عينة عند درجة حرارة الغرفة فتكون لديك بذور الهيدروجين المعدني وتقوم برش غاز الهيدروجين الذري عليها فقط.»

هناك سبب آخر لتفضيل المواد الجديدة كوقود صواريخ: فهي أنظف على الأغلب. إذ ينتج وقود الصواريخ الشائع مثل بيركلورات الأمونيوم أحماض هيدروجين الكلور هايدروكلوريكHydrochloric  السامة التي تسبب التآكل، ولذا يجب تطهير المنطقة المحيطة بمنصة الصاروخ بعد كل إطلاق. أما الألماس النانوي، فيحترق إلى غاز ثاني أكسيد الكربون والذي على الرغم من كونه غازا دفيئا Greenhouse gas إلا أنه غير سام، فيتحول البولينتروجين إلى غاز نيتروجين ويطلق الهيدروجين المعدني بخار ماء فقط.

إذن، هل نحن قادمون إليك يا مريخ؟ من المحتمل. فمع وصول الكيمياء التقليدية إلى طريق مسدود يبدو أن الكيمياء غير التقليدية هي رهاننا الأفضل إذا أردنا أن نتطلع عاليا ونسعى إلى استشكاف الفضاء. طبعا بفرض أن الناس على الأرض ليسوا مشغولين كثيرا بنسف بعضهم بالمتفجرات الجديدة – أو أن السُكَّر لن يقضي علينا بشكل أو بآخر.

شرح الصور

صورة: تعتبر حمولة الصواريخ ضئيلة مقارنة بالكتلة الهائلة من الوقود اللازم للوصول إلى المدار.

ديفيد هامبلنغ David Hambling  كاتب مستقل في لندن.

نشرت المقالة في مجلة نيوساينتيست، العدد 3136، 29 يوليو 2017.

@ حقوق الترجمة العربية محفوظة لمؤسسة الكويت للتقدم العلمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى