أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحة

إنفلونزا الشتاء: جميع المعلومات الأساسية التي عليك أن تعرفها

ماذا يمكنك أن تفعل لاتقاء الإنفلونزا

ما الذي يجعل الإنفلونزا مرضاً قاتلاً؟

إن شيوع المعرفة بالإنفلونزا يُخفي حقيقتها القاتلة. ونحن نسجل هذه السنة الذكرى المئوية لموجة الوباء الأكثر فتكاً في التاريخ الحديث، ألا وهي الإنفلونزا الإسبانية التي ظهرت في سنة 1918 وخلفت نحو 100 مليون وفاة، أي إنها قضت على نحو 5 % من البشرية في ذلك الوقت.

إن الطريقة التي يتسبب بها فيروس الإنفلونزا بالوفاة هي في الغالب عبر التسبب بالتهاب الرئة (النيمونيا) الفيروسي Viral pneumonia، وهي عدوى عميقة تتلف أغشية الرئتين التي تمتص الأكسجين. ويمكن أن يحدث التهاب الرئة بصورة غير مباشرة، كذلك إذا تمكن فيروس الإنفلونزا من القضاء على الخلايا المناعية التي تبطل بصورة طبيعية قدرة البكتيريا على مهاجمة الرئتين وإحداث التهاب جرثومي.

ولكن، عندما يكون الجهاز المناعي ضعيفاً، مثلما هي الحال لدى كبار السن والحوامل، يتمكن الفيروس من التكاثر بحرية أكبر فتزداد خطورة الإنفلونزا.

ويمكن للعدوى بالفيروس أن تصبح خطيرة لدى كبار السن خصوصا عندما يجعل الجهاز المناعي في حالة دفاعية ضد أنواع كثيرة من الجراثيم. فكل سنة، بعد موسم البرد تماماً، تُسجل موجة واسعة مماثلة من الوفيات نتيجة الإصابة بحالات مرضية ناجمة عن العدوى مثل الذبحة القلبية والسكتة الدماغية. قد تكون الإنفلونزا أكثر خطورة في الحالات المزمنة التي تتسبب بمفاقمة الالتهابات مثل السُمنة.

وتُعد التهابات الرئة المتصلة بالإنفلونزا السبب الرابع الرئيسي للوفيات لدى النساء في المملكة المتحدة والسبب الرئيسي السادس للوفيات لدى الرجال (انظر الرسم البياني). ووفقا التقديرات العالمية الأولى المباشرة التي نشرتها منظمة الصحة العالمية في ديسمبر 2017 ارتفعت الوفيات السنوية إلى 650,000 فقط جرَّاء أمراض الرئة، وإلى 1,3 مليون وفاة جراء مختلف الأسباب – أي أكثر بضعفين مما كان يعتقد. ويقول برام بالاش Bram Palache، من شركة فلوبال الاستشارية FluPal Consultancy في أمستردام: “لو كان لدينا فيروس آخر يتوفر لقاح لوقفه، ويقتل جميع هذه الأعداد من البشر، لاعترانا غضب شديد.”

 

هل ينبغي علينا أخذ لقاح الإنفلونزا؟

Should I get a flu jab?

نعم. دعكم ممن يُقسمون أن اللقاح أصابهم بالرشح: فاللقاح يحتوي على فيروس ميت أو ضعيف جداً إلى درجة تجعله غير قادر على التكاثر. ومع هذا، تشير بعض الملاحظات الحديثة إلى أن اللقاحات السابقة قد تعرَّض في بعض الأحيان الجسم بعد سنوات للإصابة بنزلة برد أشد عندما لا يكون اللقاح مطابقاً إلى درجة كبيرة مع الفيروس المنتشر. وفي حين لا يعرف اختصاصيو الحُميات ما هي مدلولات ذلك بعد، فإنه من الواضح أن لقاحات الإنفلونزا يمكنها توفير الحماية، وخصوصاً إذا كنتم ضمن مجموعة ضعيفة أو لديها استعداد للإصابة بمضاعفات بغيضة.

ولسوء الحظ، فإن لقاح الإنفلونزا ليس فعالاً جدا، ولا يلقى إقبالاً بما يكفي لوقف الفيروس تماماً من خلال تحقيق “المناعة الجماعية”. فكل شخص يتلقى اللقاح تصبح لديه فرصة الحصول على الحماية بنسبة 60%، وحتى في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يوصى بأخذ اللقاح لكل من يزيد عمرهم على ستة أشهر، فإن نسبة من يحصلون عليه هي 50% وهي مماثلة لما نجده في أوروبا، في حين تسجل المملكة المتحدة أحد أعلى معدلات التلقيح لمن هم فوق 65 عاماً إذ يتجاوز 70%.

يحتاج اللقاح إلى أسبوعين ليصبح فاعلاً، ولهذا يتعين أخذه في وقت مبكر. فكِّر في أخذ لقاح المكورة الرئوية Pneumococcal vaccine الذي يقي من الإصابة بإلتهاب الرئة (النيمونيا) بعد نزلة الإنفلونزا. وعلى الرغم من أن الأطفال يظلون ينشرون الفيروس لفترة أطول بعد إصابتهم، إلاّ أنهم يتجاوبون بصورة أفضل مع اللقاح، وهذا يعني أن حصولهم على اللقاح يحمي كبار السن والأطفال، ويخلق نوعاً من المناعة الجماعية داخل الأسرة.

ولم يعد يتعين وخز الأطفال بالإبرة، إذ يتوفر اللقاح في المملكة المتحدة وغيرها على شكل قطرات أنف تحتوي على فيروس حيّ ضعيف.

ويحفز هذا اللقاح ردود أفعال مناعية أوسع، ومن ثم يوفر حماية أفضل. لكن استخدامه يبقى محدوداً نظراُ للتحذير رسمياً من إعطاء لقاح حي إلى كبار السن والحوامل، وقيام عدد محدود فقط من الشركات بإنتاجه.

ويمكن أن يساعد دواء تاميفلو Tamiflu المضاد للفيروس في حالات المرض الشديد، ولكن ينبغي البدء بتناوله خلال يومين من ظهوره الأعراض أي قبل أن يعرف المريض ما إذا كانت حاله ستسوء.

هل هذا رشح عادي أو إنفلونزا؟

Is this the flu or just a cold?

إذا أُصبتم بالرشح خارج موسم الإنفلونزا في منطقتكم، فالأرجح أنكم لستم مصابين بالإنفلونزا، ولكن الإصابة بالبرد تحدث في فترة انتشار الإنفلونزا ويمكن أن تكون لها أعراضه مشابهة. ويشعر المصاب بالإنفلونزا بأعراض أقوى وترتفع على الأغلب حرارته، ويصاب بصداع، وألم في العضلات، وبسعال جاف، وألم في الحلق، وربما بألم في العينين والمفاصل، إضافة إلى شعور مباغت بالتعب. ويستدعي الشعور بصعوبة في التنفس أو غيرها من الأعراض الحادة زيارةَ الطبيب على الفور.

قد يصاب الأطفال بقيء أو إسهال لدى الإصابة بالإنفلونزا، على الرغم من أن الكبار لا يصابون بمثل هذه الأعراض – فقد تكون الإصابة “بنزلة برد معوية” شيئاً آخر. وإذا أصبح الأطفال مزاجيين إلى حد كبير، وعانوا صعوبة في التنفس، وارتفعت حرارتهم، مع طفح جلدي أو ازرقاق في الجلد، أو كان من الصعب إيقاظهم، عليكم أن تستشيروا الطبيب أو العيادة الصحية. أما بالنسبة إلى الرضع، فينبغي الحذر عندما لا يبلل الطفل حفاضاته كالمعتاد، ولا تنهمر دموعه عندما يبكي، ويعاني صعوبة في التنفس.

وفي أي عمر، إذا شعرتم بتحسن، ثم مرضتم ثانية واشتد سعالكم، استشيروا الطبيب. ولا ينفع تناول المضادات الحيوية في علاج الإنفلونزا لكنها مفيدة في علاج التهابات الرئة الجرثومية الثانوية.

وتتوفر اختبارات تشخيصية جديدة للتمييز بين نزلات البرد والإنفلونزا والتهابات الرئة الجرثومية، ولكنها لا تستخدم في الحالات العامة، وهذا يمثل عاملاً رئيسياً وراء إساءة استخدام المضادات الحيوية.

ماذا يمكنني أن أفعل أيضاً لكي أقي نفسي والآخرين من الإنفلونزا؟

How else can I protect myself and others?

إن تناول اللقاح هو الوسيلة الأمثل لتخفيض فرص إصابتك بالإنفلونزا أو إصابتك بنزلة شديدة، ولكن هناك كذلك بعض الأمور الأخرى التي يمكنك أن تفعلها أو تتجنبها للحد من الخطر عليك وعلى الآخرين.

افعل: اغسل يديك.

تلتقط الأيدي الفيروسَ عندما تلمس الأسطح الملوثة، ومن ثم تنقله إليك عندما تلمس فمك أو أنفك وهو ما نفعله جميعنا باستمرار (حاول ألاّ تفعل ذلك لدقيقة. ليس سهلا).

تجنَّب: استخدام كمامة.

لن تنجح في إبقاء الفيروس بعيداً عنك سوى باستخدام كمامة كتلك المستخدمة في المستشفيات من فئة التصنيف Ν95. وهذه الكمامة تجعل التنفس صعباً إلى درجة أنه لوحظ في المستشفيات التي تطلب إلى العاملين فيها ممن هم على اتصال بالمرضى والمراجعين أخذ اللقاح أو وضع كمامة، ارتفعت معدلات أخذ اللقاحات وبسرعة كبيرة.

افعل: سلم بلكز الكوع بدلا من المصافحة باليد

أو إذا شعرت بأنك ستعطس أو تسعل، غطِّ فمك بثنية الكم عند الكوع وليس بيدك التي ستفتح بها الباب أو تصافح أحداً.

تجنب: الذهاب إلى العمل

الإصرار على الذهاب إلى العمل ليس بالأمر المفيد إذا كنت قابلاً لنقل العدوى إلى غيرك، لذلك حاول أن تعمل من المنزل خلال الفترة التي تكون فيها ناقلاً للعدوى، وهي عادة لنحو أسبوع.

افعل: انتقل

تجنب فصل الشتاء بأكمله من خلال الانتقال بين نصفي الكرة الشمالي والجنوبي كل ستة أشهر. وسيخفف ذلك تعرضك للعدوى، ولكن عليك الانتباه لدى عبور المناطق المدارية لأن الإنفلونزا تظهر فيها من وقت إلى آخر على مدار السنة.

تجنَّب: معظم العلاجات الموصوفة للرشح

قد تخفف المسكِّنات ومزيلات الاحتقان أعراض الإنفلونزا لكنها لن تقلل من فترة العدوى. تناول طعاماً صحياً واشرب الكثير من السوائل مثل حساء الدجاج، ولكن تجنَّب الكحول، واخلد للراحة.

المصدر: المكتب الوطني للإحصاء

الإنفلونزا القاتلة

مثلما يحدث في كل أنحاء العالم، يتزامن الارتفاع السنوي لمعدل الوفيات العام في إنجلترا وويلز  بالمملكة المتحدة مع وصول إنفلونزا الشتاء

باللون الأحمر يسار الرسم: الوفيات الأسبوعية الناجمة عن الأسباب كلِّها (بالآلاف)

باللون الأزرق يمين الرسم: معدل الإصابة بالنزلات الشبيهة بالإنفلونزا (في كل 100,000 من السكان).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى