أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العلوم الطبيعية

الأمريكتان أَهّلتا بالسكان في موجة واحدة، الجينوم القديم يكشف ذلك

الحمض النووي من الرضع في آلاسكا يقترح إقامة طويلة في القطب الشمالي

لقد وضّح جزء صغير نادر من الحمض النووي DNA القديم صورةَ أحد أعظم الهجرات الإنسانية. قبل نحو 15 ألف إلى 25 ألف سنة، كان الناس يتجولون من آسيا Asia إلى أمريكا الشمالية North America عبر أرض مغمورة الآن تسمى بيرينجيا Beringia، والتي كانت موصولة بسيبيريا Siberia وآلاسكا Alaska فيما مضى. ولكن متى عبر المستوطنون القدماء وما عدد الهجرات التي حدثت بالضبط هما موضوعان محل نقاش حامٍ.

  أما الآن، فيُشير أقدم جينوم Genome من الأمريكتين تُجرى سَلْسَلته  Sequenced إلى أنّ بعض المستوطنين بقوا في بيرينجيا بينما اتجهت مجموعة أخرى جنوبا ليُشكّل السكان المنحدرون منها جميع الأمريكيين الأصليين Native Americans.

   ويقول ديفيد رايخ David Reich، عالم الوراثة Geneticist من كلية الطب بجامعة هارفارد Harvard Medical School في بوسطنBoston : “هذه دراسة مهمة تُضيّق إلى حد كبير المجموعة الفرعية من الاحتمالات [لكيف أصبحت الأمريكتان آهلة بالسكان].” وأضاف: “إنّه أمر مثير للغاية.”

      ويأتي الجينوم من رضيع  يعود إلى 11,500 سنة عُثر عليه في عام 2013 في موقع آبْوارد صن ريفر Upward Sun River بحوض نهر تانانا Tanana River Basin وسط آلاسكا، وهو جزء من بيرينجيا التي لا تزال فوق مستوى سطح البحر. وكان الرضيع، وهو أحد اثنين من الموقع، ينتمي إلى مجموعة  من السكان الذين يُرجّح أن يعودوا إلى بضعة آلآف، من الذين عاشوا من اصطياد قطعان بيرينجيا الوفيرة وجمع النباتات (Science, 28 February 2014, p. 961).

   وتمكن فريق بقيادة عالم الوراثة Geneticist إسك ويلرسليف Eske Willerslev من جامعة كوبنهاغن  University of Copenhagenوجامعة كامبريدج University of Cambridge في المملكة المتحدة United Kingdom من عزل الحمض النووي من مسحوق العظام المأخوذ من جمجمة الرضيع. وقد سلسل الباحثون الحمضَ النووي DNA بشكل متكرر للحصول فعليا على نسخة كاملة من الجينوم.

   ومع ذلك قارنوا الحمض النووي DNA الذي للأمريكيين الأصليين الحديثين، وكذلك بغيرهم من الشعوب القديمة التي تعيش في أرجاء أوراسيا Eurasia والأمريكتين. ومن خلال النظر في أوجه التشابه الجينية وتقدير المدة التي تستغرقها الطفرات الرئيسية للظهور، رسم الباحثون شجرة عائلة ذات تواريخ تقريبية.

   وكانت مجموعة الرضيع ذات صلة وثيقة بالأمريكيين الأصليين الحديثين، ولكنها لم تكن سلفا مباشرا. وبدلا من ذلك، كان الأمريكيون الأصليون الحديثون يتقاسمون أسلافا مشتركين لا بد أنهم قد دخلوا بيرنجيا قبل نحو 25 ألف سنة، وفقا لما ذكره الباحثون هذا الأسبوع في مجلة نيتشر Nature. وربما تفرّع هؤلاء المستوطنون القدماء قبل 21 ألف سنة إلى مجموعتين على الأقل: واحدة شملت الرضيع وأخرى أدت إلى الأمريكيين الأصليين.

    ويدعم ذلك فكرة أنّ المهاجرين الآسيويين الذين عاشوا في بيرينجيا أصبحوا معزولين وراثيا – بما يسمى نموذج الركود البيرينجي Beringian Standstill Model، كما تقول عالمة الأنثروبولوجيا Anthropologist كوني موليغان Connie Mulligan من جامعة فلوريدا University of Florida في غينسفيل Gainesville. وتقول أيضا: “لأنّ لديهم الجينوم النووي Nuclear Genome كله، يمكنك أن تقول الكثير عن متى وأين حدثت هذه الهجرة.” ولكنّ رايخ يُحذّر من أنّ تقديرات التاريخ من جينوم مفرد هي تقديرية لامحالة.

“لأنّ لديهم الجينوم النووي Nuclear Genome كله، يمكنك أن تقول الكثير عن متى وأين حدثت هذه الهجرة.”

كوني موليغان، من جامعة فلوريدا

    ووجد الباحثون أيضا أنّ الطفل البيرينجي القديم يرتبط بالتساوي بكلتا المجموعتين الفرعيتين الجينيتين الشمالية والجنوبية للأمريكيين الأصليين، مما يعني أنّ كليهما انحدرا من هجرة واحدة. ويشير الفريق إلى أنّ مجموعة اتجهت جنوبا إلى أمريكا الشمالية قبل نحو 20 ألف سنة، وبعد ذلك انقسمت إلى مجموعات سكانية فرعية مميزة، ربما بين 14500 و 17 ألف سنة مضت، وهي تواريخ تتوافق مع الدراسات السابقة.

     لماذا استقرت مجموعة واحدة وازدهرت في بيرينجيا في حين انطلقت المجموعة الأخرى لاستكشاف الأمريكتين؟ يقول ويلرزليف إنّ البحث عن موارد جديدة من الممكن أنه قد حفّز المهاجرين، ولكن كذلك الفضول المطلق. ويقول:”كان هناك أشخاص سعداء بما لديهم، وكان هناك آخرون ممن نظروا إلى القمم الجليدية العظيمة وأرادوا أن يروا ماذا يوجد على الجانب الآخر.”

   وهذا تكهن مقنع، كما تقول موليغان. وتُضيف: “بمجرد وصولهم إلى أمريكا الشمالية، فإنهم تتبعوا القارة وصولا إلى أسفل إلى أمريكا الجنوبية في غضون بضعة آلاف من السنين.” ویمکن للتوجه الثقافي أو الوراثي للاستکشاف أن یساعد “علی شرح سبب العجلة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى