أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحةعلم الإنسان

كيف يعرض الإجهاد الاجتماعي دماغك للاكتئاب

قد يطلق الإجهاد الاجتماعي تغيرات تفتح الباب للكآبة. وتشير تجارب أُجريت على الدماغ البشري إلى أن أحداثاً كالتنمر Bullying تجعل حاجز دم الدماغ راشحا، مما يُحدث التهاباً في الدماغ ويغير المزاج.

كل حدث يهدد إحساسك بقيمتك هو من الإجهاد الاجتماعي – سواء كان تنمراً، أم انطباعك عن جسدك، أم قلقا اجتماعيا، أم الخجل المفرط. ولمعرفة كيف لهذه الضغوط أن تؤثر في المزاج، عرّض سكوت روسو Scott Russo، من كلية آيكان للطب Icahn School of Medicine في جامعة ماونت سايناي بمدينة نيو يورك، وفريقه 24 فأراً صغير الحجم والقوة لفئران أكبر حجماً وهيمنة لمدة عشر دقائق يومياً لعشرة أيام. وعشرة من هذه الفئران تقبلت هذا الوضع بشكل جيد، ولكن الأربعة عشر الباقية انسحبت اجتماعيا وصارت أكثر خوفاً.

وبمقارنة عينات الدم والحمض النووي DNA والأنسجة للفئران الصغيرة المتوترة، وتسعة فئران لم تتعرض للتجربة، وفئران كانت مرتاحة بوجودها أمام الفئران الكبرى المُتسيِّدة، هناك ما يشير إلى وجود ثلاث مراحل في عملية الإجهاد الاجتماعي تؤدي إلى التغير في المزاج. أولا، يتسبب الإجهاد في إحداث التهاب بمجرى الدم، مما يضعف الحاجزالدموي في الدماغ، والذي يحمي المخ في العادة، بجعله راشحاً وأكثر قابلية للسماح للمواد بالتسرب إلى الدماغ.

يمكّنُ هذا جزيئات كبرى من مواد مثل إنترلوكن 6 المُسبِّب للالتهاب-وخلايا دم بيضاء هجومية تدعى مونوسايتات (وحيدات) Monocytes من الدخول إلى المخ. وهناك يبدو أنها تشوِّش على إشارات النواة المُتَّكِئة Nucleus accumbens، وهي منطقة بالدماغ تسهم في تقدير المخاطر والمكافئات.

تغير المزاج Change of mood

هذه أول دراسة تربط اختلال الحاجز الدموي في الدماغ بالإجهاد الاجتماعي والسلوك المرتبط بالاكتئاب، كما يقول روسو.

وقد وُجد في الفئران المُجهَدة Stressed، أن 30% من الأوعية المُبطِّنة للحاجز الدموي في الدماغ أظهرت مؤشرات على وقوع خروقات في النواة المُتَّكِئة. ويبدو أن ذلك كان سببه تغيرات في النشاط الجيني – بالفئران المُجهَدة ، فأنتجت جينات في هذه المنطقة من الدماغ قدرا أقل بـ 40% من بروتين يدعى كلودين-5 Claudin-5، والذي عادة ما يؤمّن سلامة الحاجز الدموي في الدماغ.

وعندما فحص الفريق أنسجة أدمغة 39 شخصا متوفى كانوا يعانون الكآبة، و24 شخصاً متوفى لم يعانوها، وجدوا أن مستويات كلودين-5 في النواة المُتَّكِئة لدى العديد من المصابين بالكآبة كان أقل بنحو 50% .

“تدعم الدراسة دور الالتهاب في أصل الاضطرابات المزاجية،” كما يقول مايكل بيرك Michael Berk من جامعة ملبورن University of Melbourne في أستراليا. ويتابع قائلا: “والدراسة تفسر أيضاً عنصراً مهماً في هذا اللغز – الآليات التي يؤثر بها الإجهاد في الدماغ بفعل الالتهابات.”

ويقول روسو إن الدراسة تقترح أساليبَ جديدة في معالجة الاكتئاب. وأحد الخيارات هو استخدام جسم مضاد يدعى سيروكوماب Sirukumab لإزالة إنترلوكن-6 من الدم، لكيلا يصل إلى المخ. وقد وجدت تجارب سابقة لفريق روسو أن مستوى إنترلوكن-6 في دماء المكتئبين قد يصل إلى 100 ضعف ذلك في الذين لا يعانون الاكتئاب.

 وقد بدأ بالفعل بدأت التجربة الأجسام المضادة سيروكوماب على أفراد يعانون الكآبة، ولكن قد تكون هناك استراتيجيات مفيدة أخرى. أحدها هو دعم الحاجز الدموي في الدماغ، للتقليل من احتمال تسرب الجزيئات المُسبِّبة للالتهاب عبره، أو تقليص مستويات المونوسايتات في الدم. وفي حال نجحت مقاربات كهذه، فقد تسهم في حماية الناس الذين يمرون بظروف صعبة – مثل بيئة عمل عدوانية أو وضع عائلي مُجهِد – من إصابتهم  بالاكتئاب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى