أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العقل / الذاكرة

أسئلة يتكرر طرحها حول الذاكرة: إجابات للأسئلة الشائعة التي حيّرتنا جميعا

لماذا لا نستطيع تذكّر كوننا أطفالا؟ هل إغماض عينيك يساعدك على التذكّر؟ لماذا لا يمكنني تذكّر ما فعلت قبل خمس ثوان مضت؟ ما الذاكرة التصويرية؟ وأكثر

بقلم : إيفين يي  و  تيفاني أوكلاهين
ترجمة : محمد قبازرد

لماذا ليس بمقدوري تذكّر ما فعلت قبل خمس ثوان مضت؟

تمهّل لحظة – لقد غادرت المنزل للتوّ، ولكن هل أغلقت الباب؟ حين تتعلّق المسألة بهذه السلوكيات الاعتيادية، يدرك بدنك ماذا يفعل دونما حاجة إلى تفكير واع. فالدماغ لا يرمّز تفاصيل السلوك المكرّر، ولذلك حين تستحضر  كيفية إغلاق الباب، لا توجد ذاكرة خاصة لزمن أو أوان إغلاقك له آخر مرّة.

يمكن لقدرة التصرّف الآلي Autopilot هذه أن تكون نافعة، إذ تحرّر الانتباه وتوجّهه إلى مهامّ أهمّ. وتأتي الخطورة عندما تتسيّد وتسيطر “ذاكرة العادة” Habit Memory هذه حين لا ينبغي لها ذلك، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى أخطاء مثل نسيان إنزال الطفل وتركه عوضا عن ذلك في السيارة.  إيفي يي

لماذا لا نستطيع تذكّر كوننا أطفالا؟

إنّ الخدّج الرّضّع يتعلّمون باستمرار، ولكن ثلّة من الناس فقط تمتلك ذكريات لما قبل سن العاميْن. ذلك لأن أجزاء دماغية حاسمة للذاكرة الطويلة المدى لا تزال غير ناضجة. ولذلك يستطيع الأطفال تكوين ذكريات – بمقدور الطفل ذي الستة أشهر استرجاع كيفية فعله مهام معيّنة لمدة ثلاثة أسابيع – إلا أنّ كيفية تذكرها أمر محيّر.

ومع بدء الدماغ بالنضج، تتكامل تلك الآلية العصبية أكثر فأكثر وتبدأ الذكريات بالرّسوخ – حتى سنّ السابعة عندما يقع انتكاس مفاجئ. ويسترجع الأطفال ذكريات أكثر حول وقائع أقدم في حياتهم حين يسألون قبل بلوغهم السابعة أكثر مما يتذكرونه  متى ما بلغوا الثامنة. وقد يعزى هذا المحو المفاجئ والمعروف بـ “فقدان ذاكرة الطفولة”Childhood Amnesia  إلى عملية التّشذيب Pruning التي يتخلص فيها الدماغ من الرّوابط المعلوماتية الأقل استخداما في سبيل تعزيز نظيراتها من الرّوابط المتبقّية.

وعلى الرغم من كون الأطفال الأكبر سنا بقليل يتذكّرون أشياء أقلّ، إلاّ أنّ عملية إعادة تجميعهم للمعلومات تكون أكثر إثراء وتفصيلا. تقول باتريشيا بور Patricia Bauer من جامعة إيموري Emory University في أتلاتنا في ولاية جورجيا الأمريكية: “في هذه المرحلة تتطوّر أيضا قدرتك على قصّ قصة جيدة،” وتتابع قائلة: “فتضع قصّتك في سياقها، وتخبرني ماذا فعلت، وتبرز أحداثا وفعّاليات محدّدة. وكل هذه الأشياء إنما هي جزء مما نعنيه بذاكرة الشّخصية الذاّتية Autobiographical Memory.”

 هذا يشير إلى استراتيجية ممكنة للتشبّث أكثر بتلك الذكريات المبكّرة، أو على أقل تقدير بمحاولة التأثير في الذكريات المراد رسوخها في أذهاننا. في المجتمعات الثقافية حيث يكون قصّ الأسرة للقصص تقليدا قديما خالدا، يميل الأفراد غالبا إلى استحضار ذكريات الطفولة المبكّرة. إذ بإمكان عملية استدعاء ومراجعة هذه الذكريات، وهي العملية المعروفة بإعادة التّثبيت Reconsolidation ، أن تحصّنها.

 وعليه، إن أردت لطفلك أن يتذكّر رحلة مميزة للشاطئ، انغمس في قدر من التحدث بحنين عن الرحلة واجعله يحكي لك حكاية تلك الرحلة.   تيفاني أوكلاهين

لماذا كونك متوترا يؤثر في ذاكرتك؟

تسير العاطفة والذاكرة يدا بيد. نحن نفرز هرمونات التوتر، كالكورتيزول والأدرينالين، عندما نكون مستثارين عاطفيا، سواء نتجت الاستثارة من صدمة حزينة أم عرض مسرحي رائع. تقدح هذه الهرمونات في الدماغ إطلاق الإشارات التي تنظّم تكوين الذاكرة. والجانب السلبي الآخر هو أنه حين يصل الأمر إلى استرجاع الذكريات، فبمقدور التوتر إعاقة مساعينا إلى ذلك. بمقدوره أيضا منعنا من تجديد الذكريات الموجودة وتطعيمها بمعلومات جديدة. الأمر الذي يوضّح لماذا من السهولة لأذهاننا أن تتبلّد في الجو المتوتر أثناء محاولتنا شرح موضوع ما في الفصل أو في قاعة الاختبار، وذلك على الرغم من بذلنا أقصى جهدنا للحيلولة دون ذلك.   إيفين يي

هل إغماض عينيك فعلا يساعدك على التذكر؟

نعم. الرؤية هي حاستنا السائدة والمنبع الحيوي لمعلوماتنا الجديدة. حالما تحاول التفكير في شيء ما تمثل رؤية العالم أمامك تشتيتا أساسيا. لذا، يساعد إغماض عينيك على تقليل التشتيت، خصوصا عندما تحاول استرجاع معلومة تخيّلية رئيسية. ولكن الأمر فردي بامتياز. وقد يجده البعض مجديا بينما لا يجده الآخرون كذلك.   إيفين يي

لماذا تتذكر بعض الأمور فقط عندما يحفّز الآخرون تلك الذكريات؟

نحن نخزّن الكثير الكثير من المعلومات أكبر مما يمكننا استحضاره بشكل واع في أدمغتنا، والذي يمكننا استحضاره يعتمد بشكل كبير على الإشارات إما من الآخرين أو من البيئة. ولو أنّ المعلومات كوْمة من قطع أحجية أو قصاصات رسمة، فالإشارات المعطاة تكون بمثابة الصورة على صندوق اللعبة – إنها تنشّط الروابط التي تتصل بها أجزاء الذاكرة.

 ولكن في بعض الأحيان، يمكن لتصرّف ودّي عفوي أن يعبث بذاكرتك. تخيّل أنك حضرت عرضا مسرحيا مع صديق قال لك فيما بعد: ” أ تذكر؟ لقد غنوا أغنية كذا و كذا” وفي كل مرّة تستدعي ذاكرتك تصبح هي بدورها أضعف وأكثر قابلية للتغيّر. فعلى الرغم من أنك بالفعل لا تتذكر أنك قد سمعت هذه الأغنية، لكن إذا بدا صديقك واثقا للغاية، قد ينتهي بك الحال إلى إقناع نفسك أنك سمعتها بالفعل. وستصبح هذه التجربة ذاكرة جديدة (انظر: هل تستطيع أن تثق بذكرياتك؟)     إيفين يي

ما هي الذاكرة التصْويرية؟

هي القدرة على استدعاء مشهد من الماضي بدقة عظيمة متناهية. ويمتلك البعض ذاكرة تخيّلية أفضل من الآخرين، نعني تحديدا أولئك ذوي الذاكرة الذاتية الشخصية الفائقة Highly Superior Autobiographic Memory  (اختصارا: الذاكرة (HSAM. لا ندري لماذا هم كذلك، ولكن يبدو أن ذاكرتهم تعمل بالطريقة نفسها لذاكرتنا، إلاّ أنها بقدر ما أحسن تنظيما، ولذلك باستطاعتهم استحضار التفاصيل. ولكنّ ذاكرتهم ليست كاملة – فالتذكر الحقيقي الدقيق كما لو كانت صورا ليس إلا خرافة.     إيفين يي

© Copyright New Scientist Ltd.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى