استحواذ شركة غوغل على تطبيق الصحة قد ينقض وعود شركة ديب مايند
بقلم: دوغلاس هيفن Douglas Heaven
ترجمة: مي منصور بورسلي
شركة تكنولوجية أخرى أخلفت بوعدها. اختلاف آخر، استهجان آخر؟
في يوم الثلاثاء 13 نوفمبر 2018 أعلنت شركة ديب مايند DeepMind المتخصصة بالذكاء الاصطناعي ومقرها لندن أنّ فريق عمل ستريمز Streams – وهو تطبيق مصمم لمراقبة الأشخاص في المستشفى ممن يعانون أمراضًا في الكلى – سينضم إلى شركة غوغل Google الشقيقة DeepMind. ويريد عملاق التكنولوجيا أنّ يحول تطبيق Streams إلى مساعِد للأطباء والممرضات يعمل بالذكاء الاصطناعي.
ولاختبار تطبيق Streams، استخدمت DeepMind سجلات طبية يمكنها تحديد مصدرها من 1.6 مليون شخص، قد تحصلت عليها بناء على اتفاقية مع الصندوق المجاني الملكي للخدمات الصحية الوطنية Royal Free London NHS Trust، كما كشفت عنه مجلة نيوساينتست New Scientist لأول مرة. وقد صرّح مكتب مفوض الإعلام Information Commissioner’s Office (اختصارًا: المكتب ICO) بالمملكة المتحدة في وقت لاحق عن اتفاقية مشاركة البيانات أنها: “أخفقت في التقيُّد بقانون حماية البيانات.”
ويبدو أنّ الاندماج ينقض الوعود التي قدمتها شركة DeepMind، على الرغم من أن المؤسس المشارك مصطفى سليمان Mustafa Suleyman كتب مثلا في بيوليو 2016: “تعمل الشركة DeepMind بشكل مستقل عن الشركة Google، وكنا واضحين منذ البداية أنه لن توصل أو تُربط بيانات المريض بحسابات أو منتجات أو خدمات Google في أي مرحلة من المراحل.”
لذا، لم يكن من المفاجئ أن يتسبب الإعلان بمجموعة من الشكاوى على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة مع شعور قوي لدى العديد من الأفراد حول استحواذ شركة خاصة ضخمة في مجال الخدمات الصحية الوطنية (اختصارًا: الإدارة NHS) على بياناتهم.
وتقول جوليا بولز Julia Powles من جامعة كيمبريدج University of Cambridge، التي تدرس الجوانب القانونية لمشاركة البيانات والذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية: “يبدو الأمر وكأننا نتعرّض لخداع شديد،” وتُضيف قائلة: “ما رأي شركاء الإدارة NHS في هذا؟ أين أصواتهم؟”
بيانات اصطناعية
قد تُجادل DeepMind وGoogle في أنّ Google لن تكون لديها إمكانية الوصول إلى بيانات المريض التي يُمكن تحديد شخصيته. وصحيح أنّ شركة DeepMind تُسلّم البيانات الاصطناعية فقط – السجلات الطبية الناتجة من سجلات الإدارة NHS الحقيقية – والخوارزميات التي تدربت عليها. ولكن هذه المعلومات القيمة موجودة فقط بسبب تلك البيانات القابلة لتحديد مصدرها في المقام الأول.
وأحد الأسئلة المطرحة هو ما إذا كان ينبغي أن تكون لدى Google اتفاقية مشاركة البيانات الخاصة بها مع الإدارة NHS. وفي الحكم الذي أصدره مكتب ICO على الصفقة الأصلية لشركة DeepMind، قضى أنّ المرضى لم يضطلعوا بشكل كافٍ في إعطاء الموافقة المستنيرة Informed consent. وهل سيحتاجون إلى منح موافقة إضافية لشركة Google للاستفادة من سجلاتهم الطبية؟
والقضايا القانونية يصعب فهمها. وقد ينص بند في اتفاقية شركة DeepMind على إنهاء الإدارة NHS العقدَ في حالة نقل البيانات إلى جهة خارجية، مثل شركة Google. ولكن ما يمكن اعتباره بيانات ونقل في هذه الحالة يمكن تفسيره بطرق مختلفة.
وقال متحدثٌ باسم شركة DeepMind لمجلة نيوساينتست New Scientist: “إن اتفاقياتنا التعاقدية مع الشركاء الحاليين وقوانينهم التقييدية بشأن بيانات المرضى لا تزال سارية ولا تتغير،” ويُضيف قائلًا: “تظل بيانات المرضى تحت مراقبة شركائنا الصارمة، وستظل جميع القرارات المتعلقة باستخدامها في أيديهم.”
ولطالما أرادت شركة Google أن تدخل في مجال الرعاية الصحية، ولكن محاولتها لعقد صفقة مع الإدارة NHS، كان من المحتمل جدا أن تُحظَر بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية.
والذكاء الاصطناعي قادر على أشياء مدهشة ولا شك في أنّ التكنولوجيا بنهاية المطاف ستساعد على إنقاذ العديد من الأرواح. ولكنها أيضًا ستجني للشركات التي تُقدم مثل هذه الخدمات مبالغَ طائلةً. ومنح الإدارةُ NHS شركة Google فرصة البدء بالسباق دون مقابل هو على أقل تقدير أمر مضاد لمبدأ للتنافسية. وقد يؤدي دعوة عملاق التكنولوجيا إلى مركز الإدارة NHS إلى فقدان السيطرة على كيفية توفير الرعاية وهو ما قد يكلّف الإدارة NHS على المدى الطويل.
وقد رفضت شركة Google طلب مجلة نيوساينتست New Scientist للتعليق على المقال.
© Copyright New Scientist Ltd.