أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
العقل / الذاكرة

بالذاكرة: هل تستطيع اختيار ما ستنسى؟

إذا أردت نسيان حادثة محرجة، ربما لا تحتاج إلى أكثر من المحاولة. فالنسيان ليس بالعملية السلبية - لذا إليك الوسيلة لاختيار ما ستخسر من الذكريات.

بقلم: بيني سارجت
ترجمة: مرام سيف العنزي

جميعنا لديه ذكريات يودّ نسيانها- وهذا أمر ممكن، إذا حاولت بما فيه الكفاية.

ومن السهل التفكير في الذكريات على أنها شيء يمكن تعزيزه بشكل فاعل [إيجابي]، بعكس النسيان الذي يشكل عملية سلبية. غير أننا دخلنا اليوم طور إكتشاف  إمكانية كون النسيان عملية متعمدة.

وأسهل طريقة  لنسيان أمر ما بكل بساطة قد تكون قمع الذكرى. وقد وجد جيريمي مانينغ Jeremy Manning من كلية دارتموث Dartmouth College في ولاية نيو هامبشر أن الطلب إلى الأفراد “دفع الأفكار إلى خارج الرأس” كفيل بجعلهم ينسون سجلًا من الكلمات كانوا قد تعلموا ربطه بدلالات معينة. “نحن لا نعلم بعد كيف، لكن يبدو أن الناس يعلمون كيف يقومون بذلك،” كما يقول مانينغ.

فالأمر قد يبدو متناقضًا خصوصاً وأننا نعلم أن مراجعة تذكر الذكريات تساعد على تقويتها. لقد رُبط بين قمع الذكريات والنشاط المتدني في الحصين Hippocampus، لذا من الممكن أنها تتسبب دون وعي منا بتقليص نشاط الحصين عبر التركيز على الحاضر، كما يقول جاستن هلبرت Justin Hulbert من كلية بارد Bard College في نيويورك.

ولكن المقاربة هذه لا تناسب الجميع. وترافق اضطراب قلق ما بعد الصدمة Post-traumatic stress disorder (اختصارا: الاضطراب PTSD) ذكريات حادة تستمر بالعودة- غالباً بشكل مفاجئ وغير متوقع. وقد أظهرت الدراسات أن الأشخاص المصابين بهذه الحالة أقل مقدرة على قمع الذكريات، حتى تلك غير المرتبطة بالصدمات نفسها.

لكن توجد طرق أخرى قد تساعد على النسيان، تضمن ما يعرف بالتلقيح الإدراكي cognitive vaccines: تدخلات تعمل على “تطعيم” الدماغ ضد الأعراض المفاجئة لاضطراب قلق ما بعد الصدمة إذا أعطيت سريعًا بعد الصدمة.

وقد تفي بعض ألعاب الحاسوب بالغرض كما يبدو. وأظهرت الدراسات أن لعب التيتريس Tetris  بعد مشاهدة فيلم مزعج يخفض من استرجاع مشاهد من الفيلم نفسه، قد يعود هذا إلى أن شغل الدماغ بمهمة مرئية يحول دون معالجته صور الموت والإصابة التي شاهدها في هذا الفيلم. في المقابل، ممارسة مهمة غير بصرية كممارسة لعبة معلومات عامة قد تزيد من استرجاع المشاهد.

ونظراً للدور المهم الذي يؤديه النوم في تكوين الذكريات (انظر:ماذا يحدث لذاكرتك أثناء نومك؟)، يشكل هذا الوقت الأمثل لاعتراضها.

وفي مطلع هذا العام وجدت كاثرين سيمون Katharine Simon وزملاؤها من جامعة أريزونا University of Arizona  أنهم يستطيعون تدريب الأشخاص على ربط صوت معين بطلب نسيان شيء ما. بعدها قاموا بتدريب المتطوعين على ربط أصوات أخرى بكلمات معينة.

ومن بعد، عندما خلد المتطوعون إلى النوم، أعاد الفريق تشغيل ذكريات بعض الكلمات باستخدام الأصوات المرتبطة بها، مع تشغيل الصوت المرتبط بكلمة “انس”. وبعد أسبوع كان تذكر المتطوعين  لهذه الكلمات أضعف من تذكرهم لكلمات أخرى لم تستهدف.

قدرتنا على ممارسة بعض السيطرة على ما نتذكره غالبا ما تساعدنا على تحسين مرونتتا في مواجهة المصاعب، كما يقول هلبرت.

ولكن احترسوا من التبعات السلبية. إذ وجد فريق هلبرت أنه حين تحاول كبت ذكرى معينة، فقد تنسى الأحداث التي وقعت على مقربة زمنية من الذكرى هدف الكبت. يبدو أن تهدئة الحصين بهدف حجب ذكرى معينة قد يخلق “ظل فقدان الذاكرة” الذي قد يعيق بشكل عام تكوين الذكريات.

وقد تنتج عن التمسك حتى بأكثر اللحظات إحراجاً  نتائج إيجابية، كما يقول هلبرت. ” قد يبعث استحضارها على شعورٍ مزعج، لكن من المهم أن نفكر ملياً  في الفوائد التي قد ترافق ذكريات محرجة كهذه، بصفتها تجارب تُعلِّمنا ما ينبغي علينا ألا نكرره مجددا.”

© Copyright New Scientist Ltd.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى