أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحةوباء الكورونا

’ عشوائيةٌ نوعًا ما_ وصف فيروس كورونا ومرضه بـ”الجديد” يثير الالتباس

بقلم: مارتين إنسيرنك

ترجمة:   د. عبد الرحمن سوالمة

COVID-19. سأتهجاها: C-O-V-I-D، شَرْطة، واحد، تسعة، COVID-19”.

هكذا قدم تيدروس أدهانوم غيبرييسوس Tedros Adhanom Ghebreyesus، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية World Health Organization (واختصارًا: المنظمة WHO)، الاسم الرسمي الذي أطلقته المنظمة لمرض يشل الصين ويهدد بقية العالم. قُدِّمَت هذه التسمية يوم  11 فبراير 2020 في أحد المؤتمرات الصحفية  حول الوباء التي تقيمها منظمة الصحة العالمية يوميًا الآن في جنيف، وقد أنهت التسميةُ عدم يقين استمر ستة أسابيع حول الاسم الذي سيطلق على المرض، ولكنها أيضًا أثارت بعض الالتباس.

الاسم COVID-19 هو اسمٌ للمَرَض، وليس للفيروس المُسبِّب، والذي يحمل اللقب المؤقت 2019-nCOV، في إشارة إلى أنه فيروس كورونا مستجد ظهر في السنة الماضية. ولكن الكائن المُمْرِضَ Pathogen حصل على لقب جديد، وهو لقب أُطلق عليه حتى قبل أن ينهي تيدروس مؤتمره الصحفي، وذلك في مسودة لورقة علمية نشرتها على الموقع الإلكتروني bioRxiv الهيئة المكلفة بتصنيف وتسمية الفيروسات. ذكرت الورقة العلمية أن المجموعة الدراسية المختصة بفيروس كورونا Coronavirus Study Group (واختصارًا: المجموعة CSG) التابعة للجنة الدولية لتصنيف الفيروسات International Committee on Taxonomy of Viruses قررت تسمية الفيروس بفيروس كورونا المرتبط بالمتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة 2، أو SARS-CoV-2.

وكان لا مفر من وقوع قدر من سوء الفهم. إذ غرّد الصحفيون الذين حضروا مؤتمر تيدروس الصحفي أن الفيروس حصل أخيرًا على الاسم  COVID-19، ثم لم يلبثوا أن صحَّحوا أنفسهم بعدها بقليل. ومع أن التسمية تعتبر أمرًا بسيطًا وسط الأزمة الصحية العامة المتزايدة، إلا أن بعض علماء الفيروسات صُدِموا بالإعلانَيْن اللَّذَيْن يبدوان متعارضين. كتب ماريون كوبمانز Marion Koopmans من المركز إيراسموس الطبي Erasmus Medical Center على حساب تويتر: “حسنًا، اسمان للفيروس نفسه في يوم واحد؟ يبدو أن البعض يجب أن يجتمعوا ويحلوا الأمر”.

يقول أليكساندر غوربالينيا Alexander Gorbalenya من جامعة لايدن Leiden University، وعضو في المجموعة CSG والمؤلف الأول First author لمسودة الورقة العلمية  حول الفيروس والمنشورة على bioRxiv: “نعم، الأمر مثير للالتباس قليلًا. التفسير معقد نوعا ما، وبعض الأشخاص ربما لا يمتلكون الصبر الكافي”.

وسبب هذا الفرق هو اتباع منظمة الصحة العالمية WHO والمجموعة CSG طريقتين مختلفتين في التسمية؛ فقد أسمت المنظمة المرض ملتزمة ببعض القواعد المتفق عليها بشكل عام. فلا يمكن لأسماء الأمراض أن تشير إلى أشخاص، أو مجموعات من الأشخاص، أو مواقع جغرافية، حتى لا يكون وصمة عار. كما يجب أن لا تشتمل على أسماء حيوانات، الأمر الذي قد يثير بعض اللبس بسبب أن بعض فيروسات الحيوانات قد تنتقل من الحيوانات لتصير كائنًا مُمرِضًا في البشر، كما فعل SARS-CoV-2. والاسم   COVID-19 الذي اختارته منظمة الصحة العالمية ما هو إلا اختصار لـCoronavirus disease 2019 (مرض فيروس كورونا 2019). (حدثت أولى الإصابات المعروفة بالتهاب الرئة  Pneumonia في ووهان بالصين، في ديسمبر 2019). وهذا الاسم لا يُسيء  إلى أحد، ويمكن إعادة استخدامه إذا انتقل فيروس آخر من الحيوانات إلى الإنسان في السنوات القادمة.

أما بالنسبة إلى المجموعة CSG؛ فإن تسميتهم تعتمد النهج العلمي، وذلك كما يشرح عالم الفيروسات جون زيبور John Ziebuhr من جامعة يوستوس ليبغ غيسن Justus Liebig University Giessen. فبناء على جينوم الفيروس المُسلسَل Sequenced genome  مؤخرًا، فإن الفيروس الجديد ينتمي إلى النوع نفسه الذي ينتمي إليه وباء سارس SARS في عامي 2002 – 2003، والذي أطلق عليه فيروس كورونا المرتبط بسارس SARS-related coronavirus . (يقول راؤول دي غروت Raul de Groot -من جامعة أوترخت Utrecht university، وهو عضو في المجموعة CSG- إنه يصعب تعريف مصطلح “النوع” Species في الفيروسات، والتي يتغير تكوينها الجينومي طوال الوقت، ولكن فريق غوربالينيا توصل إلى نظام يمكنهم من تعريف “النوع” في فيروسات كورونا، وقد وصفوا هذا النظام في ورقتين بحثيتين نشرتا في عام 2012، وهو نظام مقبول بشكل عام).

قد يكون الفيروس جديدًا بالنسبة إلى بقية العالم، كما يقول زيبور، ولكن ليس بالنسبة إلى مصنفي الفيروسات، ومن ثم فإنه لن يحصل على اسم خاص به. وبدلًا من ذلك، فقد أضافت اللجنة رقم “2” إلى اسم الفيروسات المعزولة من المرضى في ووهان والمناطق الأخرى.

يقول زيبور إن منظمة الصحة العالمية أعلمته أن الصين غير موافقة على الاسم، وقد اعترضت على أي مقارنة بين الأزمة الحالية وبين الوباء الشديد لفيروس الكورونا (سارس) في عامي 2002 – 2003، والذي بدأ أيضًا بالدولة نفسها، ولولا أن فقط بسبب أن معدل الوفيات التي يتسبب بها الفيروس الجديد أقل، وأنه يتسبب بإصابات الخفيفة أكثر بكثير من سابقه. ويقول زيبور: “من المهم توضيح أن هذا الاسم لا يمثل إشارة إلى المرض الذي يسببه الفيروس. ولا يوجد رابط بين الاسم وبين مرض المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة (Severe Acute Respiratory Syndrome، اختصارًا: SARS). هذه هي الصعوبة التي تواجهها منظمة الصحة العالمية”. كما أشار زيبور أيضا إلى أن المئات من الفيروسات الأخرى التي وجدت في الخفافيش والحيوانات الأخرى، والعديد منها اكتشفه باحثون صينيون، كلها تحمل كذلك اسم النوع نفسه.

وأما سبب ظهور الاسمين معًا فيعد لغزًا. يقول غوربالينيا إنه أرسل المسودة إلى الموقع الإلكتروني bioRxiv يوم 7  فبراير. وعندما لم تظهر النسخة على الإنترنت مساء يوم 11 فبراير، أرسل رسالة إلكترونية إلى الموقع الإلكتروني bioRxiv يسأل عن سبب التأخر. يقول: “ثم نُشِرت في غضون ساعة. ولكنني لم أكن على علم بأن منظمة الصحة العالمية ستعلن بيانها في اليوم نفسه”.

ولكن، وفقا زيبور، قدمت المجموعة CSG المسودة كذلك إلى دورية علمية من أجل نشرها، والتي أرسلتها بدورها إلى منظمة الصحة العالمية. (وافق الناشرون العلميون أن يرسلوا أي معلومة جديدة حول الفيروس إلى الوكالة مباشرة). ويقول زيبور إنه لا يعلم ما إذا كانت منظمة الصحة العالمية قررت أن تذيع بيانها الخاص يوم 11  فبراير مع معرفتها أن الاسم SARS-CoV-2 سيعلن عنه قريبًا.

يقول زيبور إنه كان يأمل أن ينسق بين عمل مجموعته وبين منظمة الصحة العالمية، كما حدث في فيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية Middle East respiratory syndrome-related coronavirus (اختصارًا: المتلازمة MERS-CoV)، والذي ظهر في المملكة العربية السعودية عام 2012. حينئذ، كانت منظمة الصحة العالمية موافقة على الاسم، وكذلك الحكومة السعودية، وأصحاب المصلحة Stakeholders  الآخرون، وكان ذلك إعلانًا مشتركًا فعّالا. (وافق جميع الأطراف على الحصول على استثناء من قاعدة عدم الإشارة إلى مناطق بعينها، معتبرين أن الشرق الأوسط تعبير شامل بحيث لا يشكل وصمة عار تلحق بأحد).

يقول زيبور إن هذا النوع من التنسيق ببساطة غير ممكن الآن. ويتابع قائلا: “إن ما يحدث يشكل عبئًا كبيرًا على منظمة الصحة العالمية، ولم يكن لديهم الوقت الكافي”. ولكن الاسم “كان يجب أن يذاع. والعلماء يريدون توجيهات واضحة”.

يقول كوبمانز، وهو عضو في اللجنة الاستشارية للمرض التابعة لمنظمة الصحة العالمية: “في الوضع المثالي يتم في العادة تنسيق مثل هذه الإعلانات “. وما حدث كان “عشوائيا نوعا ما”، وذلك وفقا لكوبمانز المشارك في اجتماعات جنيف حول وضع الأولويات البحثية للفيروس الجديد. ولكنه لا يرى أن الاسم قضية رئيسية.

© 2020, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى