أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
أركيولوجيا

القوة الخارقة الخفية التي ساعدت الديناصورات على غزو العالم

بعدما بدأت الديناصورات حياتها كزواحف متسللة بحجم القطط، تمكنت من السيطرة على الأرض على مدى 100 مليون سنة – لكن كيف حدث هذا؟ لم يكمن سرها في الأسنان أو المخالب، بل في شيء عميق في داخلها

بقلم:     ستيف بروسات

ترجمة: عبد الرحمن أياس

قبل نحو 250 مليون سنة، جرى مخلوق على طول حافة بحيرة في البلد المعروف حاليا ببولندا، تاركاً وراءه آثار أقدامه في الوحل. فقد كان حيواناً وديعاً ما لبث أن صار في طي النسيان ويدعى البروتوداكتيلوس Prorotodactylus، وكان بحجم القط المنزلي تقريباً وكانت أطرافه نحيلة. ولكن تلك الآثار لم تكن الإرث الوحيد الذي تركه: فقد صار نسله بطريقة أو بأخرى حكام الأرض.

كان النسل هم الديناصورات. ويثير الاسم في حد ذاته الهيبة. وكانت الديناصورات من بين أنجح مجموعات الحيوانات على الإطلاق، إذ سيطرت على كوكب الأرض لأكثر من 100 مليون سنة. وتكاثرت في مخلوقات من الأشكال والأحجام كلها، وفاق بعضها حجماً طائرة نفاثة، وملأت الديناصوراتُ الأرضَ.

وعلماء الأحافير، مثلي، انشغلوا لفترة طويلة بمحاولة فهم أسباب اختفاء هذه الحيوانات الجبارة قبل 66 مليون سنة. ونعرف الآن الإجابة: لقد انتهت أيامها حين اصطدم كويكب ضخم بالأرض. وحاليا، فإن أعظم سر من أسرار تطور الديناصورات يتمثل بطريقة ارتقائها إلى المجد في المقام الأول.

النسل المبكري للبروتوداكتيلوس ربما بقي مختبئا في الظلال، وتسلل بعيداً عن الحيوانات الأكبر بكثير والأكثر إثارة للرعب. فما الذي سمح لها بأن تتبوأ مركز الصدارة؟ تكوين إجابة عن ذلك ليس بالمسألة السهلة. وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، اكتسبت فكرة جديدة مفاجئة زخماً. ربما لا يكمن سبب صعود الديناصورات في أسنانها أو مخالبها أو عضلاتها. بل قد يعود الفضل في ذلك إلى سلسلة من التعديلات التشريحية الغريبة غير المرئية من الخارج، أيْ تكيفات سمحت لها بالازدهار في واحدة من أكثر الفترات تطرفاً على صعيد تغير المناخ التي شهدها الكوكب حتى الآن.

عندما طبع البروتوداكتيلوس تلك الآثار على ضفاف البحيرة كان العالم ذاك غير ما نعرفه. كان كوكبنا قد شهد للتو واحداً من أسوأ الانقراضات الجماعية في أي وقت من الأوقات. وتسبب انفجار الاحترار العالمي Global warming، الذي أججته انفجارات بركانية لا يمكن تصورها في سيبيريا، في موت أكثر من 95 % من الأنواع البرية. ومن هذه الكارثة نشأت أسلاف الديناصورات وأقرب أبناء عمومتها، بما في ذلك البروتوداكتيلوس. وفي غضون 20 مليون سنة، تطورت وتنوعت Diversified في المجموعات الفرعية الرئيسة الثلاث للديناصورات: الثيروبودات Theropods اللاحمة، وأشباه الصوروبدات Sauropodomorphs الطويلة العنق والآكلة للنباتات، والأورنيثيسكيات Ornithischians العاشبة ذات المناقير. وبعد زمن طويل تفرع النسل إلى الديناصورات التي يمكن التعرف عليها: التيرانوصور Tyrannosaurus، والبرونتوصور Brontosaurus، والترايسيراتوبس Triceratops، على التوالي (انظر: هيمنة متقطعة).

وقبل ذلك، في العصر الترياسي Triassic period، كانت معظم الديناصورات بحجم الحصان أو أصغر، ولم تكن وحدها. فقد انتشرت إلى جانبها أنواع الزواحف الأخرى كلها، بما في ذلك مجموعة ناجحة نجاحا خاصا تُسمَّى أشباه السوكيات Pseudosuchians. وهذا النسل هو الذي تنتمي إليه التماسيح Crocodiles والقواطير Alligators الحديثة. وهي حفنة صغيرة اليوم، تضم نحو 25 نوعاً في مجملها، تعيش في بيئات دافئة وشبه مائية. أما في الترياسي، فقد كانت هناك عشرات من الأنواع، بما في ذلك أنواع مدرعة اقتاتت بالنباتات، وأنواع عاشبة من دون أسنان كانت تقف على قوائمها الخلفية، وحيوانات مفترسة علوية Apex predators تُسمَّى تمساحيات راو Rauisuchians وبلغ طولها تسعة أمتار من الأنف إلى الذيل، وكانت أسنانها تشبه سكاكين تقطيع شرائح اللحم.

إلى اللقاء يا قاطور

وإذا بدت أشباه السوكيات مثيرة للإعجاب، فهذا لأنها كانت كذلك. فكيف حلت الديناصورات محلها باعتبارها المخلوقات المهيمنة على الأرض؟ في سبعينات القرن العشرين، اعتقد بعض علماء الأحافير أن الديناصورات المبكرة كانت متكيفة تكيفا جيدا وغير عادي مع الجري السريع مقارنة بأقربائها القريبين، كما يقول جون هاتشينسون John Hutchinson، الخبير بعضلات الحيوانات وحركتها من الكلية البيطرية الملكية Royal Veterinary College في لندن. ومالت إلى المشي على الطرفين الخلفيين الطويلين المنتصبين وغالباً ما وقفت منتصبة. وعبّر عن هذا الرأي خبراء بارزون في الديناصورات مثل روبرت باكر Robert Bakker، الذي كان آنذاك من جامعة هارفارد Harvard University، وألان شاريغ Alan Charig من متحف التاريخ الطبيعي Natural History Museum في لندن. وفي الأساس، كانت الديناصورات أسرع من التماسيح، وعلى مر الزمن، تفوقت عليها.

هذه القصة قصة أنيقة، لكن كطالب دراسات عليا لم تقنعني. وخلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين بدأت هذه النظرية تبدو غير قابلة للدفاع عنها على نحو متزايد. واكتُشِفت ثروة من أحافير أشباه السوكيات الترياسية الجديدة وكان العديد منها شديد الشبه بالديناصورات، في علامة على أن المجموعتين كانتا تُطوران تفضيلات غذائية وأنماط حياة متشابهة. وفي عام 2008 راجعتُ هذه الأحافير الجديدة لتتبع تطور المجموعتين وتوصلتُ إلى نتيجة مذهلة. فخلال الترياسي بأكمله كانت أشباه السوكيات تتفوق على الديناصورات تماماً. فقد كانت أنواعها أكثر عدداً، وكانت أكثر وفرة في منظوماتها الإيكولوجية Ecosystem، وتوفرت لها مجموعة أكبر من التركيبات الجسدية والسمات التشريحية، إضافة إلى تنوع مصادر الغذاء.

تفكيك الأرض

وساعدت هذه النتائج على إعادة صياغة مسألة الكيفية التي صارت بها الديناصورات الوحوش البارزة في العالم. ولا بد أن هذا حدث، ليس تدريجياً خلال الترياسي، بل بسرعة نسبية؛ قرب نهاية تلك الفترة، عندما نعرف أن أشباه السوكيات بدأت بالتأكيد بالتراجع. وفي الواقع، يحمل هذا الاستنتاج كثيراً من المنطق، ففي هذا الوقت تماماً، حدث أمر ملحمي لكوكب الأرض.

ففي أيام البروتوداكتيلوس، كانت اليابسة كلها تقريباً جزءاً من قارة عملاقة تُسمَّى بانغيا Pangaea (انظر: العالم الترياسي). ومن ثم، قبل 200 مليون سنة من الآن، بدأت بانغيا تتفكك. وبدأ الصدع في وسط كتلة الأرض وشطرها في المنتصف. وانفصلت أمريكا الشمالية عن أوروبا؛ وأمريكا الجنوبية عن إفريقيا. وعند الانفصال هذا، نزفت الأرض حمماً من براكين تقع في ما هو الآن قاع المحيط الأطلسي منذ أكثر من 500 ألف سنة.

وأُطلِقت مع الحمم كميات ضخمة من ثاني أكسيد الكربون وثاني أكسيد الكبريت. واستمرت هذه الغازات بتدفئة الغلاف الجوي، بينما حجبت رشقات الرماد من الانفجارات ضوء الشمس. وأدى ذلك إلى نوبات ساخنة “تناوبت مع فصول الشتاء البركانية المكثفة التي تسببت بتجمد لعقود من الزمن كل مرة”، كما يقول  بول أولسن Paul Olsen من جامعة كولومبيا Columbia University في نيويورك. ونتيجة لذلك، نفق ما لا يقل عن 30 % من الأنواع البرية.

ومع ذلك، يكشف النمط في سجل الأحافير، دون أي لبس، أن الديناصورات تجاوزت هذه الفترة، ولكن أشباه السوكيات دمرت. فقد انتهى تنوعها الترياسي الغني كله تقريباً، ولم يتبقَّ سوى عدد قليل من فروع شجرة العائلة.

وهناك العديد من الفرضيات التي تحاول تفسير هذا، وتصب كلها في واحدة من المجموعتين. تنص إحدى المجموعتين من الفرضيات على أن الديناصورات امتلكت حقاً ميزة ما على التماسيح القديمة – سواء كانت الميزة السرعة أم خفة الحركة أم الذكاء – وعلى الرغم من أن هذا لم يسمح لهم بتفوقها تدريجياً في الترياسي، فقد أعطاها أخيراً ميزة بعد تفتت بانغيا. ووفق المجموعة الثانية من الفرضيات، لا يوجد سبب واحد لتفوق الديناصورات. فقد كان الارتفاع في درجات الحرارة العالمية سريعاً وقاسيا إلى درجة أن الحيوانات نجت في الغالب أو فقط عن طريق الصدفة.

ولا تعتقد إيما شاشنر Emma Schachner، من جامعة ولاية لويزيانا Louisiana State University  أن الديناصورات نجت بمجرد الصدفة. وتقترح فكرة مثيرة للاهتمام حصلت على كثير من الانتباه ومفادها بأن الديناصورات امتلكت قوة خارقة خفية ساعدتها على التعامل مع الأجواء السامة في الترياسي المتأخر.

ولفهم الفكرة، تحتاجون إلى معرفة القليل عن الكيفية التي تعمل بها الرئتين. ففي الثدييات، بما في ذلك نحن، تمدد العضلاتُ الرئتينَ، مما يسحب الهواء إليهما. وهذا يعني أن غشاء الرئة لا يمكن أن يكون رقيقاً جداً وإلا تحلل أثناء تحركه واحتكاكه بالأضلاع. ولكن الرئتين تعملان بطريقة مختلفة في بعض الحيوانات الأخرى، بما في ذلك الطيور، النسل المباشر للديناصورات. لذلك دعونا ننتقل إلى رئة الطيور، وكما تقول شاشنر: “الأمر مثير، لذلك عليكم أن تنتبهوا”.

في صدور الطيور يشبه قسم تبادل الغازات في الجهاز التنفسي الإسفنج الكثيف وهو لا يتحرك. وبسبب هذا، فقد يكون الغشاء رقيقاً جدا من دون أن يتمزق، مما يزيد من كفاءة مرور الأكسجين من الرئتين إلى الدم. وإضافة إلى ذلك، يتوسع ويتقلص العديد من الحويصلات الهوائية Air sacs المنفصلة التي ليست جزءاً من نظام تبادل الغازات بغرض توجيه الهواء عبر نظام تبادل الهواء الذي هو جزء من الرئتين في اتجاه واحد فقط. وهذا يعني أيضا أن الأكسجين يمر من خلال الرئتين خلال كل من الشهيق والزفير، فتحصل الطيور على مزيد من المنفعة من كل نَفَس.

وباختصار، رئتا الطيور ذات كفاءة مفرطة، ونشرت شاشنر سلسلة من الأوراق مفادها أن الديناصورات الترياسية كانت تمتلك رئتين مماثلتين للطيور الحديثة، وأن هذا قد ساعدها على الازدهار.

والرئتان أعضاء لحمية لا تميل إلى التأحفر، لكنها يمكن أن تترك علامات ذات دلالة وراءها. ففي الطيور، غالباً ما تخترق الحويصلات الهوائية الفقرات، ما ينشئ ثلوماً وأحياناً فراغات، ما يُسمَّى الهوائية الهيكلية Pneumaticity، في العظام. هل نرى هذا في عظام الديناصورات؟ بالتأكيد. فبعض الأجزاء من عظام ظهر الديناصورات الترياسية عادة ما تتميز بالهوائية الهيكلية، مما يشير إلى الديناصورات ربما امتلكت رئتين تشبه رئتي الطيور. وتقول شاشنر: “كانت لهذا التشريح التنفسي القدرةُ على إعطاء الديناصورات ميزة تنافسية Competitive advantage كبيرة”.

وفي الحقيقة، لا نعرف بعد ما إذا كانت الرئتان وحدهما ما أحدثتا فرقا في الديناصورات. ففي الماضي كنا نظن بأن الهواء خلال الترياسي كان يحتوي على أكسجين أقل بكثير مما هو عليه اليوم، وفي هذه الحالة من الواضح أن الرئتين الأكثر كفاءة تكونان مفيدتين. ولكن رأياً أحدث يشير إلى وفرة كبيرة للأكسجين خلال الترياسي.

“خلال العصر الثلاثي بأكمله، كانت أشباه السوكيات تتفوق تماماً على الديناصورات”

ولسنا متأكدين مما إذا كانت لأشباه السوكيات تكيفات خاصة بالرئتين. هي بالتأكيد لا تمتلك العلامات الهوائية نفسها في عظامها مثل الديناصورات المبكرة. ولكن ريتشارد باتلر Richard Butler، من جامعة برمنغهام University of Birmingham في المملكة المتحدة، بيّن أن لديها منخفضات عند جوانب بعض الفقرات. وقد تكون هذه علامات على أن الأكياس الهوائية لديها لم تكن مختلفة سوى قليلاً عن تلك التي في الطيور الحديثة.

وتنظر سيسيليا أبالديتي Cecilia Apaldetti، من جامعة سان خوان الوطنية National University of San Juan في الأرجنتين، في فكرة تنقل الهوائية الهيكلية إلى مستوى جديد كلياً. فعلى مدى العقد الماضي من الزمن اكتشف فريقها وفرة من الديناصورات الجديدة في الصخور الترياسية المتأخرة بحوض مارييس– إل كاريزال Marayes-El Carrizal في الأرجنتين. ومن بين هذه الأنواع نوع أسمته هي وزملاؤها اسمه إنجنتيا بريما Ingentia prima. وقد يكون هذا النوع أقدم ديناصور معروف فاق حجمه حجم الفيل. ويمتلئ هيكله العظمي بالثقوب، مما يشير إلى أن الحويصلات الهوائية انتشرت لديه على نطاق واسع. وأساساً، امتدت رئتا هذا الحيوان في كامل جسمه. وهذا أمر غريب كما يبدو.

وتقول أبالديتي: “كان لهذه الديناصورات نظام تنفسي محسن وفر لها العديد من المزايا. ومع انتشار الحويصلات الهوائية في معظم أجسامها، تمكنت من استهلاك الأكسجين بكفاءة فائقة ونشر الهواء في أحشائها، مما ساعدها على الحفاظ على تبريد أجسامها. وهذا بدوره دعم عملية التمثيل الغذائي والنمو السريعين. فعظامها كانت خفيفة أيضاً. وهذه العوامل كلها معاً كانت قد هيئت حصول الديناصورات  على أحجام ضخمة من دون مواجهة مشكلات، مثل أن تصير أضخم مما تستطيع أن تتحمل أو أن تسخن أجسامها سخونة مفرطة.

ومن السهل أن نتخيل كيف أن أياً من هذه السمات ساعد الديناصورات على تجاوز بضع مئات من آلاف السنوات من الاحترار العالمي والأجواء الكريهة وانهيار المنظومات الإيكولوجية. ومع تضافر هذه السمات ربما كانت الديناصورات غير قابلة للتدمير تقريباً.

“أساساً، امتدت رئتا هذا الحيوان عبر جسمه كله. وهذا أمر غريب كما يبدو”

بعد ذلك كله، ما مصير فرضية باكر وشاريغ Bakker and Charig’s hypothesis التي تدور حول أن الديناصورات كانت تعدو أفضل من التماسيح؟ تعيد مجموعة هاتشينسون النظر في هذه الفرضية من خلال مشروع جارٍ حاليا. ويقول هاتشينسون: “كانت الأفكار السابقة حول الحركة تستند فقط تقريباً إلى التشريح”. لكن هذا لا يخبركم بالضرورة بمدى سرعة الحيوان. وبدلاً من ذلك، يستخدم هو وفريقه مسحاً ضوئياً بالليزر للأحافير لبناء نمذجة رقمية للديناصورات وأشباه السوكيات، أخضعوها لاختبارات حركية لاختبار الكيفية التي تتحرك بها الحيوانات. ولن ينتهي العمل قبل سنة أو سنتين أخريين، لكن الفريق سلط بالفعل ضوءاً جديداً على الكيفية التي تتجول بها الديناصورات. ويبدو أن أحد الأنواع مشى على أربعة قوائم عندما كان صغيراً، لكنه يتحول إلى المشي على قائمتين أثناء نموه.

وربما لا تتوفر إجابة بسيطة على اللغز الذي يبلغ عمره 200 مليون سنة حول الكيفية التي اعتلت  بها الديناصورات العرش الجوراسي. وأفضل تخمين لدينا هو أنها امتلكت تكيفات عليا: كفاءة الرئتين، وتمثيل غذائي مرتفع، ونمو سريع وربما سمات أخرى لا نفهمها بعد.

وبفضل هذه السمات معاً، تفوقت الديناصورات. لكن، لو كانت الظروف البيئية التي واجهتها مختلفة قليلاً؛ لكانت قواعد اللعبة تغيرت، وربما ما كان ليكون هناك عصر للديناصورات قط. ومع ذلك، وكما تبين، كانت آثار القوائم تلك على حافة البحيرة بداية رحلة ملحمية إلى العظمة.

العالم الترياسي

في أيام العصر الترياسي، كان العالم بالكاد قابلاً لأن نتعرف إليه. وكانت اليابسة مجتمعة في قارة عملاقة. وتقول جيسيكا وايتسايد Jessica Whiteside، من جامعة ساوثمبتون University of Southampton في المملكة المتحدة: “امتدت بانغيا من القطب إلى القطب وامتدت عبر خط الاستواء، على شكل رمز لعبة الفيديو باك – مان Pac-Man”. وكان المحيط شاسعاً يُسمِّى بانثالاسا Panthalassa.

وقد تعتقدون أن الحيوانات كانت تتنقل بحرية عبر بانغيا، إذ لم تكن هناك بحار أو حواجز جغرافية رئيسية تقسم الأرض. لكن لا، “فعلى الرغم من أن حيواناً طموحاً كان يمكنه المشي عبر القارة في حياة واحدة، فقد سيطرت مناطق مناخية مختلفة على الأماكن التي تعيش فيها الكائنات الحية”، كما تقولوايتسايد. وأظهرت أبحاثها  أن المنطقة الاستوائية لبانغيا كانت ساخنة ورطبة جدا ، في حين كانت صحاريها  أكثر سخونة من 50% من المعتاد.

وواجهت الديناصورات مشكلة في استعمار هذه المناطق المتطرفة وعاشت في الغالب في مناطق خطوط العرض الوسطى. كذلك عاشت أشباه السوكيات، المجموعة الناجحة من السحالي الترياسيّة (انظر: الموضوع الرئيسي)، في خطوط العرض هذه، لكنها تمكنت من الانتشار في الصحاري الداخلية أيضاً. والمعروف أن الحيوانات أشبه بعملاء من ذوي الأذواق الصعبة.

© 2020, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى