أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
الطب وصحةجغرافيا

لمَ لا يوجد شيءٌ حقيقيٌ اسمه نظامٌ غذائيٌ صحيٌ يصلح للجميع

ما هو جيدٌ بالنسبة إلينا لنأكله يختلف كثيراً من شخصٍ إلى آخر، لدرجة أن فكرة وجود نظامٍ غذائي صحيٍ للجميع هي أمرٌ خيالي. وبدلاً من ذلك، يسعى علم التغذية إلى الوصول إلى وصفةٍ جديدةٍ للأكل الصحي

بقلم:    غرايام لاوتون

ترجمة: محمد الرفاعي

لما يقرب من عقدٍ من الزمن، كان تيم سبيكتورTim Spector  الاختصاصي بعلم الجينات من جامعة كينغز كوليدج لندن King’s College London ، يأكل الشيء نفسه يوميا: شطيرة تونة وذُرَة حلوة على خبزٍ بني، تليها موزة. فقد كان يعتقد أنه خيارٌ صحيٌ، إلى أن فحص نفسه ليكتشف أنه كان تقريباً أسوأ شيءٍ يمكن أن يأكله. إذ كان يعاني ارتفاعاً كبيراً في السكر والدهون بعد الغداء في دمه، وكلاهما عوامل خطرٍ معروفةٌ لداء السكري Diabetes وأمراض القلب Heart disease والسمنة Obesity.

ولكن لمجرد أن سندويشات التونة ضارةٌ بصحة سبيكتور، فهذا لا يعني أنها ضارةٌ بالجميع. بل على العكس من ذلك: فهي صحيّةٌ جداً بالنسبة إلى البعض. وينطبق الشيءُ نفسه على أي طعامٍ تقريباً، حتى أشياءٌ كالمثلجات والخبز الأبيض التي لطالما اعتُبِرَتْ سيئةً للجميع.

كشفت الأبحاثُ الحديثة التي أجراها سبيكتور وآخرون أن استجابتنا للطعام فرديةٌ، ومن ثمّ، لا يوجد شيءٌ حقيقيٌ اسمه نظامٌ غذائيٌ صحيٌ يصلح للجميع. في الواقع، يستجيب الناس للطعام بطرقٍ مميزةٍ ما يجعل كل شخصٍ يحتاج إلى خطة تغذيةٍ شخصيةٍ. الآن، هو وآخرون، بما في ذلك المعاهد الوطنية الأمريكية للصحة US National Institutes of Health (اختصارا: المعاهد NIH)، يسعون إلى تقديم مثل هذه الخطط في ثورة الأكل الصحي التي تسمى “التغذية الدقيقة” Precision nutrition.

قد تفسر النتائج أيضاً سبب فشل عقودٍ من النصائح الغذائية ذات المقاس الموحد المناسبة للجميع في وقف وباء السمنة وداء السكري العالميين، ولماذا أخفق علم التغذية باستمرار في تقديم إجابةٍ مباشرةٍ عن سؤاله الأكثر إلحاحاً: ممَّ يتكون النظام الغذائي الصحي؟

تعود فكرة النظام الغذائي كعاملٍ حاسمٍ في الصحة إلى العالَم القديم على أقل تقدير، إذ قال أبقراط Hippocrates (ولكنها مقولةٌ منحولةٌ على الأرجح) “اجْعَلْ الطعامَ دواءكَ”. وتعود المحاولات العلمية لتحديد نظامٍ غذائيٍ صحيٍ إلى تسعينات القرن التاسع عشر، حين نشر رائد التغذية ويلبر أتواتر Wilbur Atwater -من  جامعة ويسليانWesleyan University في كونيتيكت- أولى الإرشادات الغذائية على الإطلاق. وأوصى بالتنوع والاعتدال وتجنب الإفراط في تناول الدهون، السكر، والنشا. وقد صمدتْ هذه النصيحة إلى حدٍ كبيرٍ أمام اختبار الزمن، إلى جانب افتراضها الأساسي بأن شيئاً كالنظام الغذائي الصحي موجود. ولكن الآن، يُمَزَقُ 125 عاماً من العقيدة الغذائية. جاءت أولى عينات النموذج الجديد، كما يحدث غالباً، من علماء خارج المجال يحاولون الإجابة عن سؤالٍ مختلفٍ.

في عام 2014 بدأ فريقٌ من معهد وايزمان للعلوم Weizmann Institute of Science بالتحقيق في آثار المحليات الاصطناعية. وكان عيران إليناف Eran Elinav، الاختصاصي بعلم المناعة، و عيران سيغال Eran Segal ، الرياضياتي، مهتمَين على وجه التحديد بما إذا كانت المحليات تؤدي في الواقع إلى تفاقم أوبئة السمنة وداء السكري التي كان من المفترض أن تساعد على علاجها. لذلك تناولوا هم وزملاؤهما السَكْرين Saccharin لأشخاصٍ أصحاء وشاهدوا ما حدث.

ارتفاع السكر

كانت أحد القياسات الذي أجروه هي الاستجابة السكرية: هل كان تناول المحليات يتسبب في ارتفاع السكر بالدم لدى الأشخاص. فهذا ردُة فعلٍ طبيعية للأكل، ولكن إذا ارتفع الغلوكوز وهبط بسرعةٍ كبيرةٍ جداً، أو “على شكل قفزات”، فهذا مؤشرٌ على تدني الصحة الاستقلابية (الأيض). ويقول سبيكتور: “الأشخاص الذين يعانون ارتفاعاتٍ كبيرةً متكررةً في الغلوكوز هم أكثر عرضةً للإصابة بداء السكري وزيادة الوزن مقارنةً بالأشخاص الذين لا يعانون ذلك”.

فاجأهم ما رأوه. ففي بعض الأشخاص ارتفع مستوى الغلوكوز ارتفاعاً كبيرا، ولم يكن لدى البعض ارتفاعٌ على الإطلاق، وكان البعض الآخر في مكانٍ ما في الوسط. ويقول إليناف: “لقد رأينا ردوداً شخصيةً جداً”. ولم يكن من المفترض أن يحدث ذلك لسببين. أولاً، لا تحتوي المحليات الصناعية على سعراتٍ حراريةٍ، لذا لا يجب أن تسبب ارتفاعاً على الإطلاق ـ لكن سبب إحداثها لهذا هو أمرٌ منفصل. ثانياً، ليس من المفترض أن تختلف الاستجابة السكرية كثيراً من شخصٍ إلى آخر. فهناك مجالٌ لبعض الاختلافات الفردية، ولكن من المتوقع أن تكون لدى الأشخاص الذين يتناولون الأطعمة نفسها ارتفاعاتٌ متشابهةٌ تقريباً. فهذا هو المفهوم الكامن

وراء المؤشر السكري Glycaemic Index (اختصاراً: المؤشر GI)، وهو مقياسٌ لمدى سرعة تحول مادةٍ غذائيةٍ معينةٍ إلى غلوكوز وانتشاره في مجرى الدم.

أدتْ النتيجةُ غير المتوقعة بإليناف وسيغال إلى رجوعهما إلى الدراسات الأصلية عن الاستجابة السكرية. ويقول إليناف: “لقد عرفنا أنها جميعاً أُجْريتْ على عددٍ صغيرٍ جداً من المتطوعين، ربما 10، أُعْطَوا أطعمةً متطابقةً ثم قيْسَتْ نسبة السكر في دمهم”. “حُوِّلَ متوسط الاستجابة إلى المؤشر GI لهذا الطعام. لم نتمكن من العثور على أي شيءٍ يتعلق بالاستجابة الفردية للأطعمة”.

لذلك شرعوا في إجراء هذا العمل، ووجدوا تبايناً هائلاً في الاستجابات السكرية  للأطعمة نفسها. وفي إحدى التجارب قارنوا هم وزملاؤهم الخبزَ الأبيض المنتج صناعياً بخبزِ العجينة المتخمرة  بالحبّة الكاملة المحضر  يدوياً، والذي وصفه إليناف بأنه “أفضل خبزٍ مصنوعٍ على الإطلاق”. وبناءً على المؤشر GI، توقعوا أن يسبب الرغيف الأبيض دائماً ارتفاعاً أكبر في الغلوكوز، ولكن تبين أن هذا ليس هو الحال. وبالنسبة إلى البعض، فقد كان الخبز الأبيض المَخْبوزُ صناعياً صحيّاً أكثر من خبز العجينة المتخمرة كامل الحبّةِ. ويقول إليناف: “لقد ذُهِلْنا”. “أنت تعطي الناس شريحةً من الخبز الأبيض، البعض لا يرتفع عندهم السكر على الإطلاق، والبعض الآخر يرتفع إلى مستوياتِ داء السكري، على الرغم من أنه في المتوسط، يرتفع السكر بالضبط إلى المؤشر السكري للخبز الأبيض. وهذا هو الحال بالنسبة إلى أي طعامٍ تقريباً”.

يقول إليناف إن هذه كانت لحظةً فارقة. “لقد عرّفتنا بشيءٍ مثيرٍ للاهتمام، ولكنه مزعجٌ أيضاً: أن العيب متأصلٌ في فكرة نموذج الغذاء الصحي ذي المقاس الموحد المناسب للجميع. إذا كانت استجابتك السكرية لطعامٍ معين معاكسةً لاستجابتي، فلن يكون الطعام نفسه جيداً لكلينا. فقد أدركنا أنه بدلاً من تصنيف الأطعمة، ربما ينبغي لنا تصنيف الأفراد الذين يتناولونها”.

تتوافق هذه النتيجةُ مع دراسةٍ أخرى أُجْريَتْ على 800 متطوعٍ بقيادة إليناف وسيغال، والتي تُعْتَبَرُ الآن على نطاقٍ واسعٍ الدراسةَ المؤسسةَ للتغذية الدقيقة. فقد جمعوا معلوماتٍ عن عمر كل مشاركٍ، وجنسه، ونمط حياته، وسجله الطبي. وقاسوا مؤشر كتلة الجسم Body mass index ونسبة الخصر إلى الورك، وأخذوا عيناتٍ من البراز لدراسة الميكروبيوم Microbiome لدى الأشخاص. وبعد ذلك راقبوا مستوى الغلوكوز في الدم لدى المتطوعين لمدة أسبوع مع حثهم على تسجيل ما يأكلونه  بالتفصيل ومتى يأكلونه، إضافةً إلى أنماط نومهم وأنشطتهم. في المجمل، سجل الباحثون الاستجابات السكرية لأكثر من 52 ألف وجبة. وكما أشارت الدراسات السابقة، فقد كانت الاستجابات فرديةً جدا ، حتى بعد تناول وجباتٍ متطابقة.

وعندما حللوا جميع البيانات باستخدام أداةً لتعلم الآلة Machine-learning، وجدوا أن أحد أقوى المؤشرات على استجابة الفرد السكرية لأي وجبةٍ كان بياناتِ القياساتِ الحيوية، وخاصةً مكونات الميكروبيوم. ويقترح هذا أنه من الممكن تصميم نظامٍ غذائيٍ منخفض المؤشر السكري لأي فردٍ بناءً على قليلٍ من القياسات.

“حتى التوائم المتطابقة أظهرتْ ردات فعلٍ مختلفةً بعد تناول الوجبة نفسها”

وكدليلٍ على تلك الدراسة، أضاف الفريق 26 متطوعاً آخر، وهذه المرة كانوا ممن يعاني بوادر الإصابة بداء السكري، وأجروا لهم سلسلةً من الاختبارات وصمموا أنظمةً غذائيةً شخصيةً. وحصل كلُّ شخصٍ على نظامٍ غذائيٍ جيد وآخر سيئ، وأكلوا من كل واحدٍ منهما لمدة أسبوع أثناء مراقبتهم. وكما هو مأمول، أدى النظام الغذائي الجيد إلى تحسين الاستجابة للغلوكوز لديهم استجابة كبيرة، في حين أدى النظام السيئ إلى جعلها أسوأ. ومع ذلك، على عكس الأنظمة الغذائية الموصي بها روتينياً للأشخاص الذين يعانون بوادر الإصابة بداء السكري، فإن عدداً من الأنظمة الغذائية الجيدة احتوتْ على بعض الأطعمة الصحية غير التقليدية. ويقول إليناف: “سُمِحَ لبعض الأشخاص بتناول الشوكولاتة أو المثلجات كجزءٍ من نظامهم الغذائي الجيد، ولكن لم يُسْمَحْ بالطماطم”.

منذ إجراء ذلك البحث استمر باحثو وايزمان بإضافة البيانات واستمر اندهاشُهم. ويقول إليناف: “لقد درسنا الآن أكثر من 50 ألف شخصٍ، وفي كل واحدٍ منهم كانت هناك مفاجآت”. “بالنسبة إلى البعض، بعض الأطعمة السيئة جداً، جيدةٌ جداً في الواقع”. أَحْدَثُ أبحاثهم، حتى وإن كان لم يُنشر بعد، هو أول من يدرس الآثار طويلةَ المدى لنظامٍ غذائيٍ شخصيٍ منخفض المؤشر السكري على مدار عام.

تدخلاتٌ مكثفة

أجرت فرقٌ بحثيةٌ أخرى تجاربَ مماثلةً وتوصلت إلى اكتشافاتٍ مفاجئة مماثلة. ونشرتْ مجموعةُ سبيكتور مؤخراً نتائجَ وصفها إليناف بإنها ” دراسة التدخل الغذائي الأكثر كثافة التي تم إجراؤها حتى الآن”. فالدراسة PREDICT-1 -الاستجابات الشخصية لتجربة التركيب الغذائي – درستْ 1002 شخص معافىً، ووضعتهم على وجباتٍ متطابقةً لمدة أسبوعين مع تتبع أنماط حياتهم وقياس استجاباتهم الاستقلابية.

إضافةً إلى الاستجابة السكرية، قيس نوعٌ من الدهون تسمى الدهون الثلاثية Triglyceride، والتي قد ترتفع في مجرى الدم بعد تناول الطعام. مرةً أخرى، وجدتْ الدراسةُ استجاباتٍ فرديةً جداً لوجبات طعامٍ متطابقةٍ (انظر:  الوجبة  نفسها، استجابة مختلفة”). ويقول سبيكتور: “بالكاد أبدى البعض استجابةً، وفي آخرين ارتفعتْ وانخفضتْ مرةً أخرى بسرعة، وفي آخرين كانت ترتفع لساعات”. ولكن ارتفاعات الدهون الثلاثية لم تكن مرتبطةً بارتفاعات الغلوكوز. ويقول سبيكتور: “يتفاعل كل شخصٍ تفاعلا مختلفاً مع الأطعمة المتطابقة”.

الوجبة نفسها، استجابة مختلفة

الدهونُ الثلاثية عامل خطرٍ للإصابة بالأمراض المزمنة أيضاً. “إذا كانت كل هذه الدهون تجول في دمك لفتراتٍ طويلةٍ من الزمن، فإنها تزيد الالتهاب وتصاب بمشكلات الاستقلاب، وداء السكري، وأمراض القلب والسمنة”.

 قاس سبيكتور وفريقه أيضاً مئات المتغيرات القاعدية لدى المتطوعين، بما في ذلك:  العمر، الجنس، الطول، الوزن، تركيبة الجسم، ضغط الدم، مستويات نواتج استقلاب الصيام، الإيقاعات اليومية Circadian rhythm، تسلسل الجينوم، الميكروبيوم والنظام الغذائي الاعتيادي. وأثناء الدراسة سجل الباحثون متى أكل المشاركون، ومتى ناموا، ومتى مارسوا الرياضة وما تناولوه زيادةً عن الوجبات القياسية.

بعد تحليل البيانات باستخدام أداة تعلم الآلةMachine-learning tool ، وجدوا أن مجموعةً من هذه القياسات قد تتنبأ بدقةٍ عاليةٍ بالاستجابة الاستقلابية للفرد لأي وجبة. وبالنسبة إلى الاستجابة السكرية، فقد كانت دقيقةً بنسبة 77%، وأما الدهون الثلاثية؛ فبنسبة 47%. فهذا أبعد ما يكون عن الكمال، لكنه يمثل تقدماً مقارنةً بمجرد التوصية بنظامٍ غذائيٍ صحيٍ للجميع. ويقول سبيكتور: “لقد ابتعدنا بالفعل عن هذه الفكرة القائلة بوجود نظامٍ غذائيٍ قياسي جيدٍ للجميع”.

 توصل بحثٌ منفصلٌ بقيادة علماء من جامعة إمبيريال كوليدج لندن College Imperial London إلى استنتاجٍ مماثلٍ عبر طريقٍ آخر. إذ تناول المشاركون في الدراسة أنظمةً غذائيةً متطابقةً وحللوا آلاف نواتج الاستقلاب في بولهم. وتقول إيزابيل جارسيا بيريز Isabel Garcia-Perez: “وجدنا أن الناس يستجيبون استجابة مختلفة للنظام الغذائي، لكننا أظهرنا ذلك بطريقةٍ مختلفةٍ، بدراسة الاستجابة الاستقلابية”. تعمل هي وزملاؤها على تطوير اختبار بولٍ “لأنماط الاستقلاب الغذائي” المختلفة، والتي يمكن استخدامها لتصميم وجباتٍ غذائيةٍ شخصيةٍ.

 يقول سبيكتور إن إحدى المفاجآت الكبيرة هي مدى ضآلة تأثير الجينات على الاستجابة للطعام. فمن بين 1002 الذين خضعوا للدراسة كان هناك 86 زوجاً من التوائم المتطابقة، لكن حتى هؤلاء أظهروا استجاباتٍ مختلفةً تماماً للوجبة نفسها. يقول: “أخبرنا ذلك على الفور بأن الجينات لا تؤدي دوراً رئيساً”. كيفية استجابتنا لوجبةٍ دسمةٍ لا تعتمد فعلياً على أي مكونٍ جيني، ونحو 30% فقط من استجابتنا للغلوكوز تتعلق بجيناتنا. ويقول سبيكتور إن العوامل الأخرى مثل ميكروبات الأمعاء والإيقاع اليومي أكثرُ أهميةً.

 كل هذا يعزز احتمال القدرة على تصميم أنظمة غذاءٍ شخصيةٍ بناءً على بعض الاختبارات البسيطة. في المستقبل، ربما يمكنك زيارة طبيبك، تقديم عينة دم، أو براز، أو بول، وإجراء بعض الاختبارات والعودة إلى المنزل مع خطة نظامٍ غذائيٍ دقيقةٍ مصممةٍ خصيصاً لتلائم احتياجاتك الفردية.

 يقول سبيكتور: “يمكننا فعل ذلك إلى حدٍ ما”. “في البداية، سيكون الأمر بسيطاً نسبياً. ولكن يمكننا بالفعل معرفة ما إذا كنتَ شخصاً يجب عليه إضافة المزيد من الدهون الجيدة إلى نظامه الغذائي، وما إذا كان من الآمن تناول الكربوهيدرات”. فقد طَرحتْ مجموعتُه والمجموعة الأولى  منتجاتٍ تجاريةً تَعِدُ بتقديم نصائحَ غذائيةٍ شخصيةٍ عبر تطبيقات الهواتف الذكية تحت الاسمين التجاريين زوي Zoe ومشروع الغذاء الشخصي The Personalized Nutrition Project. ويمكنك أيضاً أن تجرب مَنْهَجِكَ الخاص (انظر: اجعله شخصياً).

وتقول برناديت مورBernadette Moore ، من جامعة ليدزUniversity of Leeds في المملكة المتحدة، إن مدى فعالية التطبيقات لا يزال غير مؤكدٍ. النوم، ممارسة الرياضة، وتوقيت الوجبات مهمٌ أيضاً، ما يجعل تصميم خطط التغذية الشخصية تحدياً معقداً. وستواجه التطبيقات مشكلات النصائح الغذائية التقليدية نفسها أيضاً ـ غالباً ما يفشل الأشخاص في اتباعها. ولكنها تقول إن البحث يُبَشِرُ حقاً بالكثير. وكانت الدراسة التي أجريت في عام 2015 ثوريةً وكانت لها آثارٌ عميقة. تقول: “إنها دراسةٌ مثيرةٌ حقاً، ومجالٌ مثيرٌ حقاً”.

“الأنظمة الغذائية ذات المقاس الموحد المناسبة للجميع لن تصلح للجميع”

أما  يانيس مافروماتيس Yiannis Mavrommatis الذي يرأس مجموعة أبحاث التغذية وعلم الجينات من جامعة سانت ماري St Mary’s University في لندن؛ فيوافق على هذا الرأي ويقول: “هذا المشروع علامة فارقة في علم التغذية… إحدى النتائج الأكثر تأثيراً هي التأكيد على أن الأنظمة الغذائية ذات المقاس الموحد المناسبة للجميع لن تصلح للجميع. فالتغذية الشخصية هي النتيجة الطبيعية”.

بدأ الممولون الكبار أيضاً دعمَ هذا المجال الجديد. ففي مايو 2020 أعلنت المعاهد NIH أن التغذية الدقيقة ستكون أولويةً بحثيةً على مدى الأعوام العشرة المقبلة، بهدف “إحداث تغييرٍ جذريٍ في علم التغذية”.

إحدى التغييرات التي قد تحدثها هي إعادة تأهيل السمعة المتدهورة لهذا العلم. وقد تكون الاستجابة الفردية جداً للأطعمة هي السبب في فشل علم التغذية في كثيرٍ من الأحيان من وضع الأمور في نصابها، كما تقول سارة بيري Sarah Berry -من جامعة كنغز كوليدج لندن King’s College London. “ينتقد الكثيرون علم التغذية. يقولون إننا لا نعرف ما الذي نتحدث عنه لأن التوصيات تتغير دائماً. في الواقع، سبب هذا أن الطعام معقدٌ جداً وكذلك الأفراد”.

لكنها تُحَذِرُ من تجاوز الحدود. فعلى الرغم من أننا نبتعد عن التوصية بنظام غذائي عامٍ، إلا أن هذا ليس رخصةً لتجاهل كل النصائح القديمة. وتقول: “نحن لا نخالف إرشادات النظام الصحي العامة والمقبولة. فلا يزال يتعين علينا جميعاً اتباع نظامٍ غذائي متنوعٍ يحتوي على الأطعمة الغنية بالألياف، والفواكه، والخضراوات، المكسرات والبقوليات، وكميةٍ مناسبةٍ من الدهون، ومحدودةٍ من الأغذية المُعالجة. ولكن ضمن هذا الطيف الواسع، هناك إمكاناتٌ هائلةٌ لجعله شخصياً أكثر كي يكون صحياً أكثر. يقلقني أن البعض قد يقولون، “أوه، ربما يعني ذلك أنه يمكنني تناول الشوكولاتة طوال اليوم، ولست بحاجةٍ إلى تناول الفاكهة”.

يوافق إليناف على ذلك بقوله: “لا تزال هناك بعض النماذج التغذوية عالية المستوى التي أثبتت نفسها… السعرات الحرارية لا تزال مهمةً. وحتى لو كانت المثلجات من أفضل أطعمتك، إذا تناولت 10 كيلوغراماتٍ في اليوم، فستكون سميناً”.

اجعله شخصياً

  

إذا كنت لا ترغب في استخدام أحد التطبيقات، ولا يمكنك الانتظار حتى تُوفَرَ التغذية الشخصية للجماهير؛ فهناك بعض الخطوات التي يمكنك اتخاذها الآن.

يقول تيم سبيكتور من جامعة كينغز كوليدج لندن أنه يمكن لنحو 10% من الناس أن يشعروا بأنهم يعانون ارتفاعا وانخفاضا في مستوى السكر، لذلك، إذا كانت هناك أطعمةٌ معينة تسبب لك ارتفاعاً في السكر يتلوه انخفاض، فتجنبها.

يوصي عيران إليناف الذي يعمل في معهد وايزمان للعلوم  باستخدام مستشعر الغلوكوز بوخز الجلد. “جرب طعاماً أو وجبةً ثم قس مستوى السكر في الدم بعد ذلك: ستحصل على فكرةٍ عن عناصر نظامك الغذائي التي ترفع بشدةٍ السكر في الدم”.

أما  سارة بيري التي تعمل أيضاً في جامعة كينغز كوليدج لندن ؛ فتقول إن هذه المعلومات قد تكون مفيدةً خصوصا للأشخاص الذين يرغبون في إنقاص الوزن. تقول: “ارتفاعات وانخفاضات السكر في الدم مرتبطةٌ بالجوع”.

“الناس الذين يعانون انخفاضاتٍ أكبر في السكر يكونون أشد جوعاً، فيستهلكون سعراتٍ أكثر في وجبتهم التالية، ويستهلكون سعراتٍ أكثر خلال الـ 24 ساعة التالية. وعلى مدار فترةٍ طويلةٍ من الوقت، سيؤثر هذا في الوزن. لذا يمكن أن نستعين بوضع طعامٍ شخصيٍ لمنع هذه الانخفاضات، وهو الأمر الذي سيؤثر في الجوع، وعلى مدخول الطاقة، وعلى الوزن”.

© 2020, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى