أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
فضاء

هل شكّلت المغناطيسية الكون؟ تجربة ملحمية تشير إلى ذلك

لعقود من الزمن، نبذ العلماء فكرة مساهمة المغناطيسية في تشكيل الكون، إلّا أن تجربةً جديدةً تستخدم بلازما أشد حرارة من الشمس تدفعهم إلى إعادة التفكير في ذلك

قليلة هي البقاع على وجه الأرض التي قد تحتد فيها الظروف القصوى مثلما هي في منشأة الاشعال الوطنية National Ignition Facility بالقرب من لوس أنجلوس. ففي قلبها سُلِّط 192 إشعاع من الليزر على أسطوانة من الذهب بصغر بطارية ذات مقاس AA. عند التقاء حزم الأشعة، فإن حرارة حجرة الاختبار تقفز إلى 100 مليون درجة سيليزية، أي أنها تصبح أشد حرارةٍ من مركز الشمس.

أُقيمت المنشأة لدراسة إمكانية استغلال الانصهار النووي Nuclear fusion، والذي يعطي أملًا لطاقة نظيفة لا متناهية. ولكن في بداية هذا العام، أعلن الباحثون بأن هذا الليزر القوي قد وُجِّهَ لسؤال ضخمٍ من نوعٍ مختلف – ما الذي شكَّل الكون؟

الكون مكانٌ جميل. وعلى أكبر المقاييس فهو شبكةٌ من المادة حيكت عبر الفضاء. كبِّر الصورة وسترى عناقيد المجرات مجتمعة كالغيوم، بينما تظهر كل منها على حدة بمختلف الأشكال المبهرة، كالشكل الحلزوني الأنيق لمجرتنا درب التبانة Milky way.

لعقود ساد الاعتقاد بأن الجاذبية وحدها كافية لنحت هذه العجائب. الآن، وعلى أعقاب ملاحظاتٍ مجريّة مثيرة، فإن تجاربًا ملتهبةً بشعاع الليزر تقذف تجاهنا بأدلةٍ تشير إلى أننا قد أخطأنا بتجاهل تأثير قوة أخرى.

لطالما شاع الظن بأن المغناطيسية Magnetism أضعف من أن تُشكِّل الكون. لكن أولئك خلف النتائج الأحدث يزعمون بأنهم وعندما اشتدت حرارة حجرة التجارب رأوا لمحةً من الإمكانيات التي تمتلكها هذه القوى المنسية. وإذا كان الأمر كذلك، فقد يتحتم علينا البحث عن مكانٍ جديد للمغناطيسية – بجانب الجاذبية- في تصوّرنا لكيفية وصول الكون إلى شكله الحالي.

ما نعرفه عن الجاذبية وتركيب الكون بدءا بالتشكل في الوقت نفسه تقريبا. في أوائل القرن العشرين، بدأ علماء الفلك أمثال إدوين هابل Edwin Hubble بإدراك تركيب الكون وحجمه الحقيقي. وفي الوقت نفسه نشر ألبرت آينشتاين نظريته الخالدة عن الجاذبية، النظرية النسبية العامة General Relativity. في أول الأمر، بدت النظرية وكأنها تحيط ملاحظاتهم الرصدية عن الكون إحاطة تامة، مما دفع العلماء إلى الاعتقاد بأن شكل الكون اعتمد على قوة الجاذبية وحسب.

ولكن مع تحسّن الملاحظات الرصدية، بدأت التناقضات بالظهور. في عام 1930 برزت أشهر هذه التناقضات، عندما وضّح عالم الفلك فريتز زويكي Fritz Zwicky أن المجرات في عنقود Cluster ما تتحرك بسرعةٍ كبيرةٍ تكفي لدفعها إلى الخروج عن المسار. واقترح زويكي تواجد نوعٍ من المادة وأطلق عليه اسم Dunkle Materie، أو المادة المعتمة  Dark matter – شيء ما، لا نستطيع رؤيته، يولِّد جاذبيةً إضافيةً تساعد على إبقاء العناقيد مع بعضها البعض. ومنذ ذلك الحين، أصبحت المادة المعتمة دعامة أساسية عند علماء الجاذبية النظريين، حتى وإن لم يتمكن أحدٌ من اكتشافها مباشرة.

في أواسط القرن العشرين، نشأت نظرةٌ مختلفة لما كان يشكّل الكون، وذلك من قِبَل عالم الفيزياء هانز آلفين Hannes Alfvén. كانت الجاذبية في الطليعة لكونها – وعلى الرغم من ضعفها – تؤثر في عبر مدًى واسع جاذبةً كل المواد. المغناطيسية لم تكن خيارًا، فهي قوةٌ محدودةٌ تأثر فقط في الجسيمات المشحونة كهربائيًا. أشار آلفين بأنه وعلى الرغم من ذلك، فإن الكثير مما في الكون هو في حالةٍ ماديةٍ تدعى بلازما Plasma، وهي غازٌ من الجسيمات المشحونة. اقترح آلفين أن القوة التي تؤثر بها المغناطيسية في البلازما ينبغي على الأقل أن تكون مقاربة لتأثير الجاذبية في باقي المواد. وقد اعتقد بأن المجال المغناطيسي يؤدي دورًا مهمًا -بل وقد يكون سائدًا- في تشكيل الكون.

بدأ مؤيدو آلفين بابتكار حلولٍ – مبنية على نظرية المغناطيسية- لعددٍ من الأسئلة الكونية، كطريقة اكتساب المجرات الحلزونية Spiral galaxies لشكلها. ولكن واجه هؤلاء المؤيدين لنظرية المغناطيسية معضلتان كبيرتان. الأولى، كانت صعوبة اختبارها، لأنه وفي ذلك الوقت لم تكن هناك أي طريقة عملية لرصد المجال المغناطيسي في العالم الواسع. الثانية، والأكثر جوهرية، هي أن المجال المغناطيسي بحاجةٍ إلى اكتساب قوةٍ هائلة ليتمكن من أن يكون له دور في تشكيل المجرات ولم لدي أي شخص أدنى فكرة عن كيفية تكوين مجالٍ بهذه القوة.

هذا ما يحدث داخل الأرض: يدور المعدن المنصهر مولّدًا المجال المغناطيسي المحيط بكوكبنا

كيف تتولد المجالات المغناطيسية
لتوليد مجال مغناطيسي، ستحتاج أولًا إلى مولد كهربائي (دينامو) Dynamo، أي منطقة تعجّ بجسيماتٍ مشحونةٍ موّصلة للطاقة الكهربائية. وهذا ما يحدث داخل الأرض: يدور المعدن المنصهر مولّدًا المجال المغناطيسي المحيط بكوكبنا. من الممكن جدًا أنَّ مولدًا من البلازما تكوّن في الكون المبكر. المشكلة هي أن أيّ مولدٍ مثل هذا كان سيكون آنذاك صغيرا جدا وأضعف بكثير من أن يكون له دور كبير في تشكيل المجرات. لابد من أن شيئًا ما ضاعف هذا المجال أضعافا عديدة – ولم يكن لدى أي شخص تفسيراً معقولًا لما قد حصل. واستمر الجدال حول دور المغناطيسية – أو عدمه – في تشكيل الكون استمرت لعقود من الزمن. إلّا أنه في ثمانينات القرن العشرين، ومن دون أي إجابة لهاتين المعضلتين، أعتقدنا أن المغناطيسية خسرت. الجاذبية كانت هي النحّات الحقيقي للكون. يقول عالم الفلك إنريكي لوبيز رودريجوز Enrique Lopez Rodriguez من جامعة ستانفورد Stanford University بكاليفورنيا: «المغناطيسية الكونية هي وبشكلٍ عام، آخر ميكانيكية فيزيائية يتحدث عنها أيُّ شخص».

وهذا لا يعني القول إن الجاذبية تفسر كل التفاصيل في بنية الكون. أحد الألغاز هو عناقيد المجرات، بالإضافة للمجرات نفسها و(احتمالاً) المادة المعتمة، والتي تحتوي على مساحاتٍ شبه فارغة تُعرَف بالوسط بين العنقودي Intracluster medium، والذي لا يحتوي سوى على البلازما. تنبعث من هذه البلازما أشعة سينية X-rays، نستطيع قياسها من الأرض ومن ثم معرفة درجة حرارتها. منذ أواخر تسعينات القرن العشرين وعلماء الفلك يعرفون أن البلازما الموجودة داخل العناقيد المجريّة شديدة السخونة وتصل حتى 10 مليون درجة سيليزية. استنادًا لفيزياء الجاذبية، كان ينبغي للغاز أن يطرد هذه الحرارة منذ زمن طويل.

الكشف عن المجالات المغناطيسية في الفضاء
وعلى الرغم من أن هذه الأحجية بالذات لم تلفت أنظار العلماء إلى المغناطيسية، إلّا أن بعض الباحثين بدأوا مؤخرًا بالتساؤل ما إذا كنّا قد تسرّعنا في استبعاد دور تلك القوى من الكوزمولوجيا. وأحد الأمور التي تغيرت منذ ثمانينات القرن العشرين هي مقدرتنا في العثور على المجالات المغناطيسية في الكون. مثل مرصد الستراتوسفير للأشعة تحت الحمراء Stratospheric Observatory for Infrared Astronomy (اختصارا: المرصد سوفيا SOFIA) التابع لوكالة ناسا، وهو تلسكوب للأشعة تحت الحمراء يحلق على متن طائرة ضخمة متخطيًا بخار الماء في الجو الذي يعوق معظم محاولات رصد الأشعة تحت الحمراء من الأرض.

عندما تجد حبيبات الغبار الكوني Cosmic dust نفسها في مجالٍ مغناطيسي فإنها تتراصف كالسياج مستقطبةً أي أشعة تحت الحمراء تمر بينها. قبل خمسِ سنوات، كان لوبيز رودريجوز يعمل في المرصد سوفيا عندما كان الباحثون يشرفون على صنع أداةٍ تستطيع التقاط هذه الإشارات والكشف عن المجالات المغناطيسية، فاقترح عليهم مراقبة المجرة الحلزونية NGC 1068، المركز الذي كان يُعرف كمصدرٍ للأشعة تحت الحمراء المُستقطَبة. في أول نصف ساعة من الرصد رأوا شيئًا استثنائيًا: كان المجال المغناطيسي يتبع بوضوحٍ النمط الحلزوني للمجرة (كما في الصورة). إلا أن الجاذبية لم تتنبأ بأي شيءٍ مماثل. «أثار ذلك دهشتي، وتساءلت عما كان يحدث». ولمعرفة ما إذا كانت هذه مجرد مصادفة، نظر الفريق إلى 20 مجرة أخرى قريبة. حتى الآن، لكل واحدةٍ من هذه المجرات مجالٌ مغناطيسي ضخم يتغلغل عبر المجرة بأكملها، كما  يقول لوبيز رودريجوز. وجميع هذه المجالات تتبع شكل الأذرع الحلزونية للمجرات.

صور التقطت للمجالات المغناطيسية للنمط الحلزوني لمجرة NGC 1068.

التلسكوبات الأخرى رأت أشياء شبيهة. في عام 2020، استخدمت يلينا شتاين Yelena Stein وزملاؤها من مركز الفضاء الألماني German Aerospace Center بكولونيا  مرصد المصفوفة الكبيرة جدا Very Large Array – وهو مرصد لرصد الأشعة الراديوية في نيوميكسيكو – لدراسة المجرة الحلزونية NGC 4217. ورصدوا مجالا مغناطيسيا ضخما يتغلغل عبر المجرة.

لوحدها، ليست هذه الملاحظات قطعية. فهذه المجالات المغناطيسية قد تكون أثرًا جانبيًا ناتجًا عن الشكل الحلزوني للمجرات لا السبب في شكلها. والسبب في استبعاد المجالات المغناطيسية كأحد ناحتي الكون لا يقتصر على أننا لم نكن قادرين على رصدها في السابق، ولكن أيضا لأنه لم يدرك العلماء كيف يمكن تضخيم هذه المجالات بشكلٍ كافٍ.

دينامو مضطرب
الآن، وعلى الرغم من ذلك، قد تنهار العقبة الثانية أيضا. فمنذ منتصف خمسينيات القرن العشرين، وعندما كتب عالم الجيوفيزياء ستانسلاف براجينسكي Stanislav Braginsky معادلاته لحركة السوائل في البلازما، والباحثون مهتمون بالحركة الاضطرابية (الاضطراب) Turbulence – التغيرات العشوائية في الضغط Pressure والجريان Flow – ودورها في توليد المجال المغناطيسي. إحدى الأفكار الناشئة كانت أن الاضطرابات في البلازما قد تؤثر في خواص المجال المغناطيسي الناتج. الاضطراب في ذاته معقد ومن قم فأنه كان من المستحيل فهم الآثار المترتبة عليه إلى أن ظهرت المحاكاة الحاسوبية المعاصرة، وقد أظهرت أن ما يُعرف بـ”الدينامو المضطرب” Turbulent dynamo، يجب أن يُحفِز قوة المجال المغناطيسي تحفيزا هائلا. ولكن رصد هذه الآثار قد يكون ممكنًا فقط في بلازما بدرجة حرارة فائقةٍ السخونة – مثل تلك الموجودة في الكون المبكر- مما عنى أنها فرضية يصعب اختبارها.

تقدمت جينا مينيك Jena Meinecke من جامعة أوكسفورد Oxford University والتي أمضت سنواتٍ في دراسة المولّد المضطرب كجزءٍ من الفريق الدولي لعلماء فيزياء البلازما، لتقول: «إنها الكأس المقدسة بشكلٍ ما، لفيزياء البلازما». نشأة معامل الليزر الضخمة كانت هبة إليهة فهي الأماكن الوحيدة التي بإمكانها صناعة بلازما ساخنة بشكلٍ كافٍ لتحاكي الظروف التي تمكننا من دراسة المولّد المضطرب.

دليلٌ على تضاعف المجال المغناطيسي
أجرى فريق مينيك -الذي يقوده جانلوكا جريجوري Gianluca Gregori بجامعة أوكسفورد- أول تجاربه مستخدمًا الليزر في عام 2018. بمنشأة أوميغا لليزر Omega Laser Facility في جامعة روشيستر University of Rochester بنيويورك، صنع الباحثون «غابة» صغيرة من الأهداف المكوّنة من الشرائح المعدنية والشبكات الموضوعة على أقطابٍ، والتي من المتوقع وفقًا لحساباتهم أن تشتت البلازما بطريقة مضطربة. ومن ثم سُلِّطت أشعة الليزر على كبسولةٍ من الديوتيريوم Deuterium، وهو النظير الأثقل للهيدروجين، وحولّها إلى بلازما، والتي بمساعدة الشرائح والشبكات حولها عجّت مضطربةً. شهد الباحثون تضاعف المجال المغناطيسي للبلازما تضاعفا سريعا– أول لمحةٍ لدينامو مضطرب أثناء عمله.

متسلحين بهذه النتيجة، أراد الباحثون مشاهدة تأثيره بكامل تألقه، مما عنى استخدام ليزرٍ أشد قوةً لتهييج الاضطراب أكثر فأكثر، وهذا ما أوصلهم لأقوى جهاز ليزر على الإطلاق، منشأة الإشعال الوطنية National Ignition Facility (بـ 192 إشعاع ليزر) – بمختبر لورانس ليفرمور الوطني Lawrence Livermore National Laboratory  بكاليفورنيا. نادرًا ما يحصل العلماء على وقت لاستخدام هذا الليزر لأي تجارب أخرى غير تجارب الانصهار، إلّا أن فريق مينيك حصل على الإذن وباشر بالعمل.

أول يومٍ للـ«انطلاق» أتى في عام 2018. أجرى الباحثون تجربة مماثلة لتجربة أوميغا، وتابعوها بواسطة كاميرات الأشعة السينية لرؤية ما سيحدث. كانوا يتنبؤون بزيادة حادة في حرارة البلازما، إلّا أنه عوضًا عن ذلك التقطت الكاميرات مزيجًا من البقع الساخنة والباردة. تقول مينيك: «كان الأمر أشبه برؤية كلب مرقط. عرضتها على الفريق فقالوا ’لا يمكن أن تكون هذه النتيجة‘». ولكن أعدنا التجربة وكانت النتيجة دائمًا نفسها.

وحينها فهموا ما يجري. كان الدينامو المضطرب تأثير الذي صنعه الباحثون قويًا لدرجة أن المجال المغناطيسي الناتج كان يحبس الجسيمات في مناطق محددة من البلازما. كان كافٍ ليخفض من سريان الحرارة بمعامل 100، صانعًا بقاعًا ساخنة وباردة. قضى الفريق سنواتٍ يراجع النتائج مرارًا وتكرارًا ولم يعلنوا عنها حتى قبيل أشهر. وحول هذا يقول عالم فيزياء البلازما باتريك دايموند; Patrick Diamond – من جامعة كاليفورنيا بسان ديغو University of California, San Diego: «إنها خطوةٌ مهمة للأمام». مشيرًا إلى أن مجال تخصصه – الانصهار النووي – يعتمد على قوة المجالات المغناطيسية لحبس الطاقة والحرارة، إلّا أنها تستخدم حقولًا قوية وموحدة Uniform field. ويتابع قائلا: «هذه أول حالة نشاهد فيها هذا الانخفاض في انتشار الحرارة كنتيجةٍ لعشوائية أو اضطراب مجالٍ مغناطيسي».

قدرة المجال المغناطيسي غير المتوقعة في حبس الحرارة قد تحلّ لغز الحرارة الفائقة للوسط بين العنقودي في عناقيد المجرات. تقترح مينيك وفريقها أن الحقل المغناطيسي الذي ولّده الدينامو المضطرب بإمكانه الحفاظ على البلازما في مكانها ومنع انتشار الحرارة لبلايين السنين. ويوضح جريجوري قائلا: «المجال المغناطيسي يمتلك طاقةً تكفي للتحكم بكيفية حركة المادة»، كما تفعل الجاذبية. وبالطبع، عند شاهدوا النمط المرقش من البقع الساخنة والباردة في تموّجات البلازما، فإنهم أُذهِلوا من مدى شبهها بالأشكال التي نراها في العناقيد المجريّة.

هل تحل المغناطيسية محل المادة المعتمة؟
كل هذا بث روحًا جديدة في جدال آلفين بأن المغناطيسية ساعدت في نحت الكون. من المغري التساؤل ما إذا كان ذلك ينفي الحاجة للمادة المعتمة. ولكن شتاين ترى أن هذا أمر متسرع، وتقول: «لا اعتقد أننا بحاجة إلى أقل أو أكثر من المادة المعتمة، نحن فقط بحاجة إلى فهم هذه العملية». بعبارةٍ أخرى، علماء الفلك بحاجة إلى أخذ المجالات المغناطيسية على محملٍ أكثر من الجد.

وهذا تحدٍ يقبله لوبيز رودريجوز. فلديه أيضًا شكوكٌ عمّا إذا كان المجال المغناطيسي في المجرّات الحلزونية كافٍ ليحل محل المادة المعتمة، ولكن الحقيقة أن لا أحد يعرف تأثيراتها الممكنة على وجه الدقة. بدايةً سيبحث عن سبب شيوع اتباع المجالات المغناطيسية النمط الحلزوني للمجرات. استنادًا لعلماء الجاذبية النظريين، يمكن تفسير شكل المجرات الحلزونية بنظرية موجة الكثافة Density wave theory. تفترض النظرية أنه أثناء دوران المادة في وسط المجرة، فإن بعض الأجزاء الأكثر كثافة تُبطئ من مرور الأجزاء الأخرى، مما يُعزز كثافتها، ويُحفّز تشكُّل النجوم ويُحدِد الأذرع الحلزونية. الشيء الوحيد الذي لم تتنبأ به هو السبب وراء اتبّاع حقلٍ مغناطيسي بهذه الضخامة لهذا الشكل وبهذا المستوى من الدقة، إلّا أن أيًا من نظريات المولّدات لم تفعل. «ومع ذلك نراها في كل مكان»، كما يقول لوبيز رودريجوز.

لمعرفة ما الذي يجري، سيبدأ عمّا قريب برنامج نمذجة حاسوبية Computer modelling ولمدة ثلاث سنوات، لمحاكاة Simulations تكوّن المجرات في وجود المجالات المغناطيسية وفي عدمها. وإن سار كل شيءٍ وفقًا للخطة، سيحصل على بعض الإجابات وربما نفهم أخيرًا كيف نُحِت الكون ليتخذ هيئته.

© 2023, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

بقلم ستيوارت كلارك

ترجمة غالية حسين بانافع

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى