أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
بيئة

الحقيقة الكامنة خلف تقليل استخدام الطاقة والتنعُّم بحياة جيدة

نظرياً من الممكن العيش حياة جيدة بمعدل استهلاك طاقة لا يزيد على 2,000 وات، وهو ربع معدل استهلاك الأفراد في الولايات المتحدة. أخذ مراسلنا البيئي هذا التحدي على عاتقه، وإليكم ما وجده

كانت أولى الخطوات هي أن أُطفئ الأنوار. بعد ذلك سحبت كل شيء من المقابس. بعد التفكير في الموضوع، أعدت وصل الثلاجة، ثم وضعت قائمة بكل الطرق الأخرى التي أستهلك بها الطاقة: السخانات التي تعمل بالغاز تسخن شقتي وتوفر الماء الساخن، وأطبخ على فرن يعمل بالغاز، وأستقل مترو أنفاق نيويورك للعمل، وأسوق سيارة أو أستقل سيارة أجرة للرحلات الأطول، وكذلك أستقل الطائرة. وهناك أيضاً الثلاجة، والغسالة، والمجفف، والمصاعد، والحاسوب، والهاتف، وحتى فرشاة أسناني. كما أضفت إلى القائمة أي شيء أشتريه يحتاج إلى الطاقة في صنعه أو نقله. وكذلك هناك الطعام الذي أستهلكه أو أرميه في القمامة. كل شيء أعمله تقريباً يحتاج إلى الطاقة.

والطاقة موضوع ساخن في هذا العصر. أسعار الطاقة الآخذة بالارتفاع بسبب غزو روسيا لأوكرانيا وكذلك التحول للمصادر المتجددة من أجل الحد من الاحترار العالمي دفعت كلها الناس والحكومات إلى التركيز على تخفيض الاستهلاك. وبأخذ كل ذلك بالحسبان، أردت معرفة إن كان بإمكاني تقليل استهلاكي للطاقة تقليلاً كبيراً. قرأت أنه، في تسعينات القرن العشرين، قدّر باحثون سويسريون أن 2,000 وات فقط لكل شخص كافيةٌ ليعيش الجميع عيشاً مستديماً بجودة حياة جيدة في الوقت نفسه. ومن ثم صار هذا هدفي. وكان ذلك أول يوم في «تحدي الألفي وات» الشخصي والذي سيستمر لمدة شهر.

استخدمتُ حاسبة أونلاين – بمجرد أن أعدت تشغيل الواي فاي – لحساب استهلاكي الحالي. يستهلك كل فرد في الولايات المتحدة الطاقة بمعدل 8,600 وات في المتوسط. لم أكن أعلم أن نمط حياتي كان مبذراً بشكل خاص، ومن ثم تفاجأت عندما علمت أنني أستهلك أكثر من المتوسط. من الواضح أن الطريق سيكون طويلاً.

الوات هو مقياس للقدرة، أو بكلمات أخرى، هو قياس لمعدل نقل الطاقة (انظر: ما هو الوات). لفترة كبيرة من تاريح البشر، استهلك الناس أكثر من ذلك بقليل، وكان ذلك مشمولاً في الطعام الذي يتناولونه. على مستوى الفرد، «كان ذلك يصل على الأغلب لـ90 وات في المعدل»، بحسب ما يقول ساشا نيك Sascha Nick من المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا بلوزان Swiss Federal Institute of Technology Lausanne. أضاف الوقود المستخدم للطبخ والتسخين على كمية الطاقة المستخدمة بالوات، وكذلك الحال مع الطاقة الحيوانية المستخدمة للزراعة والنقل: القدرة الحصانية Horsepower، وهي وحدة صاغها المخترع جيمس وات James Watt (الذي سمي الوات باسمه) من أجل الترويج لمحركه البخاري المحسن، تكافئ 746 وات. وأضافت المجتمعات المعقدة بضع مئات أخرى من الوات عن طريق البناء وأشغال المعادن والصناعات الخزفية. يقول نيك: «وصل استهلاك الإمبراطورية الرومانية على الأغلب لـ500 وات، ولم تستخدم الكهرباء على الإطلاق».

وحالياً، تستخدم المجتمعات الصناعية كمية أكبر بكثير من الطاقة، مستخدمين الوقود الأحفوري بشكل رئيس لتزويط الاقتصاد العالمي بالطاقة. معدل الاستهلاك الكلي، أو «الرئيسي»، من الطاقة لكل فرد يصل أعلى مستوياته في أيسلاند، حيث وصل لـ17,000 وات في 2021. والولايات المتحدة، بمعدل استهلاك 8,600 وات، كانت المرتبة الحادية عشرة. في المقابل، كان معدل استهلاك الطاقة للفرد في الاتحاد الأوروبي نحو 4,200 وات في المتوسط، و3,400 وات في الصين، و3,300 وات في المملكة المتحدة. ولكن هناك عدم مساواة كبيراً على المستوى العالمي: فالأشخاص في الهند يستهلكون 800 وات، وفي بنغلاديش يستهلكون 310 وات فقط. تقدم الوكالة الدولية للطاقة International Energy Agency أن نحو 2.5 بليون شخص في العالم يفتقرون للوصول إلى طاقة تكفي للحاجات الرئيسية من مثل الطبخ والتبريد.

الزيادة غير المسبوقة في استهلاك الطاقة في الدول عالية الدخل – والتبعات البيئية التي ترتبت على ذلك- دعت الباحثين إلى أن يسألوا: عندما تصير الطاقة متاحة بكميات أكبر من الحد الأدنى لتلبية الحاجة، كم هي الكمية الكافية للحياة الجيدة؟ وهذا سؤال يحتاج إلى شخص مثل سقراط لإجابته. كم هي الكمية الكافية؟ ما هي الحياة الجيدة؟ ومن ثم ليس غريباً أنه لا يوجد إجماع بين علماء الاقتصاد أو خبراء الطاقة. يقول الباحث في الطاقة ناراسيمها راو Narasimha Rao من جامعة ييل Yale University: «لست متأكداً أن بإمكاني تعريف الحد الفعلي للكفاية في الاستهلاك المادية. ولكنني أعلم أنه أقل بكثير من الحد الأقصى الذي تراه في العديد مم الدول».

أحد الأجوبة هو ألفا وات. ففي تسعينات القرن العشرين، كانت هذه كمية الطاقة المتاجة لكل شخص على الأرض إن وُزِّعت الطاقة المنتجة بالتساوي. بناء على ذلك، وعلى الدراسات التي وجدت عائدات قليلة على جودة الحياة بعد تجاوز هذا المستوى من الاستهلاك، فإن الباحثين في المعهد الفيدرالي السويسري للتكنولوجيا بزورخ Swiss Federal Institute of Technology Zürich قدروا أن استهلاك الطاقة بمعدل 2,000 وات – وهو ما يكافئ 48 كيلووات ساعة في اليوم – كان كافياً لكل شخص في سويسرا من دون التضحية بمستويات معيشتهم التي يحسدون عليها. كما استنتج الفريق أن السعي إلى هدف الـ2,000 وات، والهدف الطموح ولكن الممكن، سيكون طريقة لمساعدة سويسرا على تقليل انبعثاتها من غاز الدفيئة greenhouse gas (انظر: مصادر الطاقة وانبعاثاتها).

استهلاك الطاقة المنزلي
كانت أول مرة قرأت فيها عن مجتمع الـ2,000 وات كان في رواية كيم ستانلي روبنسون Kim Stanley Robinson «وزارة المستقبل» The Ministry of the Future، والتي نشرت عام 2020. تقع أحداث القصة في مستقبل غير بعيد تحقق فيه سويسرا هذا الهدف، وتشير شخصية مرحة إلى الدولة على أنها مثال على الحكمة في تقليل الاستهلاك: «تطلب الأمر مراعات استهلاك الطاقة، ولكن الحياة التي عاشها الناس نتيجة لذلك لم تكن بأي شكل من الأشكال نوعاً من المعاناة، بل إن هناك رأياً بأن هذه الحياة تبدو أكثر عصرية وذات معنى لأولئك الذين خاضوا التجربة». وفكرة أن العيش على 2,000 وات أمر غير صعب بقيت في بالي، وعندما قفزت أسعار الطاقة السنة الماضية، خطر لي أن أجربها بنفسي.

كان أول شيء عليه القيام به هو تقدير استهلاكي الكلي، والذي يمكن لأي شخص القيام به باستخدام حاسبةٍ أونلاين. ساعدني على رؤية كيف يتقسم استهلاكي من الطاقة على مختلف المجالات

كان أول شيء عليه القيام به هو تقدير استهلاكي الكلي، والذي يمكن لأي شخص القيام به باستخدام حاسبةٍ أونلاين. كما أن هذا ساعدني على رؤية كيف يتقسم استهلاكي من الطاقة على مختلف المجالات. شكّل النقلُ نحو نصف الاستهلاك، وكل هذه النسبة تقريباً كانت بسبب الطيران. وشكّل الطعام الأشياء الأخرى التي أستهلكها نحو الثلث، في حين شكلت تدفئة المنزل والكهرباء البقية. على الأرجح أن عيشي في شقة صغيرة هو السبب في أن هذا الاستهلاك كان مختلفاً قليلاً عن متوسط السكان في الولايات المتحدة والذين تميل مساحتهم السكنية والمكتبية لأن تشكل النسبة الأكبر من استهلاك الطاقة، يتبعها النقل (خاصةً بالسيارة)، ثم الطعام والعناصر الاستهلاكية، ثم الكهرباء، وأخيراً حصتهم في البنية التحتية العامة. في أوروبا كذلك، تشكل المساحة السكنية والمكتبية النسبة الأكبر في المتوسط، ولكن الطعام والعناصر الاستهلاكية تميل إلى أن تستهلك طاقة أكبر من النقل.

في المجمل، كان معدل استهلاكي من الطاقة يساوي 9,400 وات. لم يكن هناك شك في أنني سأحتاج إلى المساعدة إن كان هناك أي أمل لي في التغلب على هذا التحدي. أولاً، استشرت أموري لوفينز Amory Lovins، وهو بروفيسور في جامعة ستانفورد Stanford University في كاليفورنيا، ومؤسس مجمع تفكير الاستدامة المسمى معهد روكي ماونتن Rocky Mountain Institute. على الأرجح انه أفضل معلم معروف في كفاءة الطاقة، كما أنه يفعل ما يقول. يعيش لوفينز في منزل جميل بناه بكولورادو، وهو منزل يشتمل على كل وسيلة من وسائل كفاءة الطاقة التي يمكن تخيلها. يقول لوفينز: «هذه في الواقع عمارة صينية شمسية عمرها 6,000 سنة. كل ما فعلته هو أنني حدّثتُ التقنيات». يعلو منزلَه خزان على السطح يسخن الماء باستخدام أشعة الشمس. وهناك نوافذ بألواح متعددة لتحسين العزل. كما أن المنزل بُني مواجهاً للجنوب للحصول على المزيد من الحرارة من الشمس، باستخدام مواد اختيرت من أجل استهلاكها القليل للطاقة. فكل هذ يعني أن لوفينز يحافظ على مستوى حياة عالٍ في حين ينتج بيته طاقة كافية لشحن مركباته الكهربائية ويزود الفائض لشركة الكهرباء.

باستخدام التقنيات المناسبة، فإن كمية الطاقة الضرورية للحفاظ على مستوى حياة عالٍ «على الأغلب أقل من 2 كيلو وات»، بحسب ما يقول لوفينز، بل إنه قد يصل إلى 1,000 وات. ولكن، بالنسبة إلى أغلب الناس، فإن هذه التقنيات ليست في متناولهم بعد. بل إن التقنيات المتاحة لا تقلل بالضرورة من استهلاك الطاقة على الأمد البعيد. وذلك بسبب الأثر المرتد Rebound effect، وهو ظاهرة معروفة حيث يستخدم الناس ما كسبوه من الطاقة المحفوظة نتيجة الكفاءة من أجل استخدام المزيد. فعلى سبيل المثال، عندما صارت محركات السيارات أكثر كفاءة، اشترينا سيارات أكبر تستهلك المزيد من الطاقة للتشغيل.

إلى جانب ذلك، فإن تبني تقنيات كفؤة الاستهلاك لم يكن ليساعدني في تحدي الـ2,000 وات الذي نظمته بشكل مستعجل لأنه لم يكن أمامي سوى شهر واحد ولم تكن لدي ميزانية له. ومن ثم، فإنني قررت أن أركز على الطريقة الأخرى في تقليل استهلاك الطاقة، ألا وهي تغيير سلوكياتي.

رسوم: BJORN RUNE LIE / IKON IMAGES / SCIENCE PHOTO LIBRARY

كانت هناك تغييرات عملية يمكنني القيام بها مباشرة. على سبيل المثال، تأكدت أنه لم يكن هناك شيء مشغل أو موصول بالكهرباء في شقتي إلا عندما كان هناك شخص يريد استخدام شيء ما. جففت الملابس هوائياً في بيت السلم بدلاً من استخدام المجفف. وشاركت بيانات عداد الكهرباء مع شركة تسمى أوم كونيكت OhmConnect، والتي أرسلت لي رسالة نصية عندما يكون الطلب على الكهرباء عالياً وأعطتني تحفيزاً للتقليل من الاستهلاك – على شكل «نقاط وات» يمكنني استبدالها بجوائز – إن قللت من استهلاكي خلال تلك الفترة. ووجدت أنني يمكنني التقليل بشكل مؤقت من الاستهلاك بمقدار 150 وات عن طريق إطفاء الثلاجة من الكهرباء لمدة ساعة من دون فتح الباب.

لا شك في أن ذلك كله ساعدني على حفظ الطاقة. ولكنني في أفضل الأحول قللت من استهلاكي بمقدار 1,000 وات. في الواقع، فإن الحاسبة الأونلاين أظهرت أن الطاقة شكلت 5% فقط من مجموع استهلاكي، ومن ثم فإنه حتى ولو أوقفت كل استهلاكي للطاقة الكهربائية فإن مجموع معدل استهلاكي للطاقة سيكون أكثر بكثير من 2,000 وات. كان علي القيام بتغييرات أخرى. ومن ثم صرت أستحم لفترات أقصر وأستخدم الماء البارد لغسل الأطباق. كما أنني استمريت بركوب الدراجة الهوائية متى ما سمح لي الجو بذلك، وكنت أستقل مترو الأنفاق في الأيام الأخرى. واشتريت المزيد من مشتريات البقالة من أسواق المزارعين في نهاية الشارع بدلاً من السوبرماركت. وأكلت المزيد من الوجبات النباتية.

تقليل الطاقة الضائعة
كل ما فعلته حتى الآن خفّض من استهلاكي لـ5,700 وات بحسب الحاسبة، وأغلب هذا الانخفاض كان بسبب عدم استخدامي للطيران. فإحدى المشكلات الكبيرة كانت السخان الغازي القديم الذي يُدفئ شقتي سيئة العزل ذات المئة وعشرين عاماً. كان ذلك سبباً كبيراً لاستخدامي الكبير بشكل مفاجئ للطاقة – ولكنه كان أيضاً خارج سيطرتي. كما هي الحال مع العديد من الأبنية القديمة في نيويورك، فإن نظام التدفئة عندي كان يتحكم به صاحب المبنى، والذي كان يعيش في المبنى ويحب أن يكون المبنى حاراً. في الشتاء، كانت الطريقة الوحيدة للتبريد هي ترك النوافذ مفتوحة. وفي الصيف، يحتاج التبريد إلى مكيفات الهواء التي تثبت على النوافذ والتي تعتبر قليلة الكفاءة. وتقليل هذه الجزئية من الطاقة سيحتاج إلى إعادة تجديد المبنى باستهدام مضخات حرارة كفؤة وتحسين العزل. ولكنني كمستأجر لا أستطيع فعل ذلك حتى ولو كانت لدي القدرة.

الفكرة هنا ليست أن أشتكي عن نظام التدفئة لدي. ولكن المغزى من القصة هي أنه من الصعب جداً العيش في مجتمع الـ2,000 وات. يقول ستيفان تانر Stephan Tanner: «تبدأ في الوصول لمرحلة يمنعك فيها المجتمع من حولك، والبيئة التي تعيش فيها، من المضي قدماً»، وتانر هو مهندس معماري يتخصص بالمباني الكفؤة في شركة التصميم إنتيب Intep وداعم قوي لجعل الولايات المتحدة مجتمع 2,000 وات. وأما عن ماهية هذه المحدوديات فإن ذلك يعتمد بشكل كبير على مكان سكنك وكم تملك من النقود. بالنسبة إلي، كشخص يعيش في نيويورك، فإن المشي أو أخذ المواصلات العامة أمر سهل بشكل نسبي. ولكن في العديد من المناطق الأخرى، خاصةً في أماكن أخرى في الولايات المتحدة، فإن الناس لا يمتلكون خياراً سوى أن يقودوا سياراتهم للعمل أو إلى متاجر البقالة. والتغييرات المطلوبة لمواجهة ذلك ليست أمراً يمكن للفرد تدبره.

يقول نيك: «أغلب ما نفعله في المجتمع والحياة يعتمد على كيفية تنظيمنا للمجتمع». ويستخدم نيك 2,000 وات أو أقل لأكثر من عقد، ولكن الحياة في سويسرا تساعد على ذلك. في عام 2017، تعهدت الحكومة السويسرية بتحقيق مجتمع الـ2,000 وات بحلول 2050. ومن أجل ذلك، تدفع للمدن السويسرية بالبنية التحتية للمواصلات العامة وبجعل استخدام السيارة أقل جاذبية. كما أنهم بنوا مستشفيات ودور تقاعد كفؤة في استهلاك الطاقة. وقد انخفض متوسط استهلاك الفرد من 6,000 عام 2000 إلى 4,030 وات الآن.

فيما عدا سويسرا، هناك عدد قليل من المجتمعات التي تبنت هدف الـ2,000 وات. ولكن الدول تركز أكثر على تقليل الحاجة إلى الطاقة. فهناك سياسات من مثل قانون الحد من التضخم Inflation Reduction Act في الولايات المتحدة، ومقترح REPowerEU في الاتحاد الأوروبي، والتحول الأخضر Green Transformation في اليابان والتي خصصت مئات البلايين من الدولارات في سبيل تحقيق تدابير كفؤة في استهلاك الطاقة، من مثل تجديد المباني وتعزيز استخدام المركبات الكهربائية. كما أطلقت دول حملات للتوعية بالطاقة أيضاً، من مثل It All Adds Up في المملكة المتحدة.

كارثة الطاقة هي أحد المحفزات. تقول كريستينا هويكا Christina Hoicka من جامعة فيكتوريا في كندا University of Victoria: «قد يكون ذلك بداية توسيع وعينا». كما أن تحسين كفاءة الطاقة أثبت فعاليته: تقدر الوكالة الدولية للطاقة أن مثل هذه التحسينات وفرت ما لا يقل عن 680 بليون دولار من مصاريف الطاقة في الدور الأعضاء المنتمية لها عام 2022. كما أن التقليل من الطاقة يقلل انبعاثات غازات الدفيئة بشل مباشر ويجعل نزع الكربون Decarbonization أسهل تحقيقاً. تقول هويكا: «إن جعلنا كل شيء يعمل بالكهرباء، علينا أن نزيد نظام الطاقة المتجددة بشكل مهول». وهذا سيكون أسهل بكثير إن كانت هناك حاجة أقل. فقد وجدت إحدى الدراسات التي استُشهِد بها كثيراً أن تقليل الحاجة إلى الطاقة عن طريق الكفاءة وبعض التغييرات من مثل التمدن Urbanization والرقمنة Digitalization يمكنه الحد من الاحترار العالمي لـ1.5 ْس من دون الحاجة إلى لتقنيات غير المثبتة في التقاط الكربون وتخزينه ومن دون التضحية بالنمو الاقتصادي في الدول عالية أو منخفضة الدخل.

وأما بالنسبة إلى تحدي الـ2,000 وات المتواضع الخاص بي، فإنني آسفُ على القول إنني فشلت فشلا ذريعا، على الأقل بالنسبة إلى المقياس الرئيسي في التحدي. في هذا الوقت، تصعب المباني والبنية التحتية غير الكفؤة بشكل كبير من الوصول لمعدل استهلاك 2,000 وات والحفاظ على مستويات معيشة عالية في الولايات المتحدة مم دون القيام باستثمارات كبيرة في كفاءة الطاقة، والأمر ليس أسهل بكثير في الأماكن الأخرى.

ولكنني تعلمت الكثير (انظر: ست طرق لاستخدام أقل للطاقة). كما أنني لا أنوي التوقف عن المحاولة للوصول إلى 2,000 وات فقط لأن هذا التحدي قد انتهى. فعلى سبيل المثال، صار من الواضح لدي أن القرارات المتعلقة بماذا آكل وكيف أصل إلى الأماكن أكثر أهمية بكثير من المدة التي أبقي بها الأنوار مضاءة. وفي المرة القادمة التي أختار فيها مكان سكني، سأفكر أكثر في طريقة التدفئة فيها، ومدى جودة عزلها، وما مدى كفاءة الأجهزة فيها من حيث استهلاك الطاقة. وبذلك أستطيع التركيز أكثر على الأفعال الصغيرة التي تنتج فوائد كبيرة من حيث كفاءة الطاقة.

جعلتني هذه التجربة أكثر إدراكاً لمصدر الطاقة التي أستخدمها أيضاً. أشعر بأنني أقل انقطاعاً عن البنية التحتية والنشاطات الصناعية التي تشكل الأساس لطريقتي في الحياة. كما أنني أكثر فهماً للزيادة المفرطة في الطاقة المتاحة لي – وكذلك لعدم الإنصاف الذي يطال الأشخاص الذين لا يملكون مستويات كافية منها. وكما تقول شخصية رواية روبنسون من المستقبل: «يجب أن تكون الكفاية من الطاقة حقاً بشرياً، أرضية لا يمكن لأي كان السقوط عنها؛ وهي سقف لا يمكن لأحد تجاوزه. كما أنه لا فائدة ترجى من تجاوز الحاجة».

ما هو الوات؟
الوات هو وحدة مستخدمة للتعبير عن القدرة ويستخدم لوصف معدل تدفق الطاقة: الوات الواحد يكافئ جولاً واحداً في الثانية. والمصباح الكهربائي ذو الـ20 وات إذا ترك لمدة ساعة، فإنه يستهلك 20 وات ساعة. ما يُكتَبُ في فاتورة الكهرباء لديك يظهر لك كم كيلو وات ساعياً استخدمت (الكيلو وات يساوي 1,000 وات). وبقسمة هذا الرقم على عدد الساعات التي تغطيها الفاتورة يعطيك معدل تزويد الطاقة المستمر بالكيلو وات. وهدف الـ2,000 وات – والذي يساوي 48 كيلو وات ساعة كل يوم – لا يشير فقط إلى الكهرباء، بل أيضاً إلى استهلاك الطاقة الأساسي الكلي في المتوسط. بكلمات أخرى، فإنه يشتمل أيضاً على كل مصادر الطاقة (كالغاز، والريح، والحطب)، وأي طاقة استُخدِمت لإنتاج هذه المصادر، والطاقة الضائعة بسبب عدم كفاءة التحويل أو النقل. وللفوز بهذا التحدي، يجب أن لا يتجاوز كل ذلك 2 كيلو وات في المتوسط.

مصادر الطاقة وانبعاثاتها
تنتج المصادر المختلفة للطاقة مستويات مختلفة من غازات الدفيئة. وينتج الفحم الذي يحرق لإنتاج الطاقة أكثر مما ينتجه الغاز الطبيعي على سبيل المثال. وأما الطاقة الشمسية، فلا تنتج شيئاً منها. كما أن هناك مصادر للانبعاثات لا علاقة لها بالطاقة، من مثل تعفن الطعام في مكبات النفايات. ففي تسعينات القرن العشرين، عندما بدأ الباحثون السويسريون بتخيل مجتمع الـ2,000 وات، فإن ذلك اشتمل على هدف للانبعاثات يكافئ طناً واحداً من ثاني أكسيد الكربون لكل شخص. وفي ذلك الوقت، كان هناك تخوف أكبر حول نفاد النفط أكثر من التغير المناخي. ولكن ذلك الهدف أعيدت مراجعته ليصل إلى صفر عام 2015، بعد اتفاقية باريس، والتي كلفت الدول بتحديد الاحترار العالمي إلى أقل من درجتين سيليزيتين مقارنة بمستوياتها قبل الثورة الصناعية. ولمحاولة الوصول إلى ذلك، استثمرت سويسرا بشكل كبير في الطاقة المتجددة وعملت في الوقت نفسه على تحسين كفاءة الطاقة. ومنذ عام 2000، قلت الانبعاثات الناتجة مباشرة عن استخدام الطاقة من 8.5 إلى 5.6 أطنان لكل شخص. ولكن الانبعاثات المرتبطة بالسلع المستوردة زادت خلال ذلك الوقت. فلا يزال تحقيق هدف الانبعاثات يمثل تحدياً أكبر من تحقيق هدف الطاقة.

ست طرق لاستخدام أقل للطاقة
قلل درجة حرارة منظم الحرارة (الثيرموستات)
علينا جميعاً البقاء دافئين، ولكنا إن بقينا أبرد ببضع درجات يمكن أن يوفر ما يصل إلى 10% من طاقة التدفئة. ويعتمد التوفير على عدة عوامل، من مثل طقس المكان الذي تعيش فيه.

قلل من استخدامك للماء الساخن
يشكل تسخين الماء ما يصل إلى 20% من استهلاك الطاقة المنزلي في المتوسط. قلل هذه النسبة عن طريق استخدام الماء البارد لغسل الثياب، وتأكد أن منظفة الأطباق ممتلئة قبل تشغيلها واجعل استحمامك أقصر.

امش، استخدم الدراجة الهوائية، واستخدم المواصلات العامة
وجدت دراسة أن استخدام المواصلات العامة في الولايات المتحدة وفر ما يكافئ 4.2 بليون غالون من البترول في السنة.

استخدم أجهزة كفؤة
مواقد الحث الكهربائي أكثر كفاءةً في استخدام الطاقة بمقدار ثلاثة أضعاف مقارنة بمواقد الغاز. ابحث عن الوسوم على الأجهزة التي تصنف كفاءة الجهاز.

كل المزيد من الخضراوات، والأفضل أن تكون زُرِعت في مزرعة محلية
تستهلك الأنظمة الغذائية النباتية مقدار طاقة أقل بمقدار الربع تقريباً مقارنة بالأنظمة الغذائية المشتملة على اللحوم.

جدد منزلك
تحسين عزل المنزل واستخدام مضخة حرارية أكثر كفاءة بدلاً من استخدام تدفئة الغاز أو البترول تعتبر استثمارات كبيرة، ولكن القيام بها يمكن أن يقلل استهلاك الطاقة بأكثر من 40%، اعتماداً على مكان سكنك.

بقلم جيمس دينين

© 2022, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى