أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ملف خاص

حرارة لاهبة: داخل البعثة التي ستستكشف كيف يمكن للبشر أن يتكيّفوا

إن التغيّر المناخي يعني أن الحرارة اللاهبة ستصير هي القاعدة بالنسبة إلى الملايين في معظم أنحاء العالم. انضممنا إلى تجربة في صحراء المملكة العربية السعودية تهدف إلى اكتشاف ما يعنيه ذلك لأدمغتنا وأجسامنا

أنا في صحراء النفود، وهي منطقة برية رملية وصخرية شاسعة في شمال المملكة العربية السعودية، لأختبر مستويات حرارة جسمي غير المُتكيِّف على تحملها – وللقاء 20 شخصا يشاركون في بعثة استكشافية تسمى المناخ العميق Deep Climate، مكرسة لفهم كيفية استجابة البشر للظروف القاسية. ويقول كريستيان كلوت Christian Clot، قائد البعثة ومدير معهد التكيّف البشري Human Adaptation Institute في فرنسا: «الفكرة هي دراسة كيف يمكن للبشر التكيّف مع نوع جديد من البيئة».

ومع احترار المناخ، صارت هذه القضية ملحّة بصورة متزايدة. وحتى في ظلّ السيناريوهات الأكثر تفاؤلا، فإن الحرارة الحارقة التي شهدناها في جنوب أوروبا وأنحاء الولايات المتحدة على مدى الأشهر الماضية، مع درجات حرارة تتجاوز 40°س، ستصير هي القاعدة في أجزاء كثيرة من العالم.

وهذا يعني أن السؤال عمّا سيحدث لأدمغتنا وأجسامنا، ومدى قدرة فيسيولوجيا الإنسان على التأقلم مع الحرارة اللاهبة، أمر مهم بالنسبة إلى ملايين البشر. يقول تيم لينتون Tim Lenton: «سترى مساحة شاسعة من المناطق ذات الكثافة السكانية العالية جدا ترتفع درجات الحرارة فيها إلى درجات غير مسبوقة لم يشهدها أحد في المناخ التاريخي». ولينتون من جامعة إكستر University of Exeter في المملكة المتحدة، وشارك مؤخرا في تأليف ورقة بحثية بعنوان «قياس التكلفة البشرية للاحترار العالمي» Quantifying the human cost of global warming.

يسأل كلوت: «هل يمكننا التكيّف مع الظروف المناخية الجديدة وتحمّلها؟ نحن لا نعرف. يجب أن نتعلم المزيد». بعثة المناخ العميق أوّل تجربة واسعة النطاق تحاول اكتشاف ذلك.

الكوّة المناخية البشري
مثل أي كائن حيّ آخر، تطور البشر ليصير لديهم كوّة Niche مناخية مثالية – نطاق متوسط درجة حرارة وهطول أمطار يمكننا العيش عيشا مريحا فيه. يقول لينتون: «إن الكوة المناخية يصف المكان الذي تزدهر فيه حياة الناس وازدهرتْ لعدة قرون، إن لم يكن لآلاف الأعوام». فقد وسّعت تكنولوجيا مثل الملابس، والمباني، والتدفئة، وتكييف الهواء هذه الكوّة ومكّنتْ الناس من العيش في بعض أحرّ وأبرد الأماكن على وجه الأرض، لكنها لم تغيّر بيولوجيتنا تغييرا جذريا. يقول لينتون إن متوسط درجة الحرارة المثالي بالنسبة إلينا على المدى الطويل هو نحو 12°س (54 درجة فهرنهايت). وهو ما يفسّر سبب وصول الكثافة السكانية تاريخيا إلى ذروتها في المواقع ذات متوسط درجة الحرارة هذا وانخفاضها السريع على طرفي المتوسط.

لقد أدّى التغيّر المناخي Climate change بالفعل إلى تغيير التوزيع الجغرافي لهذا الكوّة. ففي ظل مستويات الاحترار الحالية، التي تزيد بنحو 1.1°س على متوسط درجات الحرارة في فترة ما قبل الصناعة، فإنّ بعض مناطق الأرض التي كانت ذات يوم قريبة من هذا الكوّة دفعت خارجه. يقول لينتون: «والآن من المُقدّر أن بعض الناس قد أُزيحوا من المناخ الذي كان يدعم التجمعات السكانية ذات الكثافة السكانية العالية في الماضي إلى مناخ كان ليدعم -تاريخيا -كثافة سكانية أخفض».

أستطيع أن أخبرك بناء على تجربتي في جو حار طوال الوقت تمثل ابتلاء شديدا. وصل متوسط درجة الحرارة في المملكة العربية السعودية في فصل الصيف حين زرْتها إلى نحو 30°س (86 درجة فهرنهايت)، وبلغتْ ذروتها 45°س (113 درجة فهرنهايت) في وقت مبكر بعد الظهر وانخفضتْ إلى العشرينات (السبعينات) ليلا. إنها قاسية ومنهكة. جافاني النوم، وكان بذل الجهد هائل الصعوبة. وجدْت نفسي طريحا في خيمتي، أتخيّل المشاريب الباردة، وتكييف الهواء، وحمامات السباحة. وكانتْ تلك حرارة جافة، ونعلم أن التأقلم معها أسهل من الحرارة الرطبة.

إنّ كيفيّة استجابة الأجسام البشرية لدرجات الحرارة المرتفعة جدا على المدى القصير موثَّقة بالفعل. الأعراض الأولية هي الطفح الحراري والتشنجات، الناجمة عن فقدان السوائل والأملاح، والتي يمكن أن تتطور إلى ضربة الشمس Heatstroke: نبض سريع وقوي، وصداع، ودوار، وغثيان، واضطراب Confusion. يقول برادلي يورين Bradley Uren من جامعة ميشيغان University of Michigan: «هذه حالة طبية إسعافية فعليّة». وكلما ارتفعتْ نسبة الرطوبة، انخفضتْ درجة الحرارة اللازمة للإصابة بهذه الحالة. فعند نحو 45°س (113 درجة فهرنهايت) ورطوبة تصل إلى 20%، يمكن لجسم الإنسان تبريد نفسه بالتعرّق. لكن إن زادتْ الرطوبة على 40%، فقد تكون درجة 45°س درجة حرارة مميتة.

ما لا نعرفه هو ما إذا كان البشر قادرين على التكيّف مع مثل هذه الظروف على المدى الطويل

وما لا نعرف عنه شيئا تقريبا هو ما إذا كان البشر قادرين على التكيّف مع مثل هذه الظروف على المدى الطويل. في عام 2016، أدرك كلوت أنّ هناك القليل جدا من البيانات حول كيفية تأقلم البشر مع المناخ في المستقبل وتفتق ذهنه عن فكرة تجربته هذه. في البداية، تطوّع ليكون بمثابة فأر تجارب بشري وانطلق في ثلاث بعثات منفردا مدة كلّ واحدة 40 يوما في المناخات القاسية التي اعتقد أنها الأكثر صلة: الحرارة الرطبة في منطقة الأمازون Amazon البرازيلية، والبرد القارس في سيبيريا Siberia، والحرارة الجافة في إيران. وكان يأخذ كل يوم قراءات علمية لجسمه.

صارتْ جهود كلوت الفردية المشروع التجريبي لبعثة المناخ العميق. في عام 2017، فتح المشروع الباب للتطوّع لمن تتراوح أعمارهم بين 25 و50 عاما، وتمتّعوا باللياقة البدنية، وتحدثّوا الفرنسية، واستعدّوا لتحمّل الظروف الصعبة. لكنهم قلّصوا عدد المشاركين المؤهلين إلى نحو 30.

خطط أن تكون هناك ثلاث مراحل للتجربة، تستمر كلّ منها 40 يوما و40 ليلة: الحرارة الرطبة، والبرد القارس (الذي سيزداد شيوعا أيضا مع التغيّر المناخي) والحرارة الجافة. تضمّ كل مرحلة فريقا مكونا من 20 «رائدا مناخيّا» جرى اختيارهم من أصل 30: 10 نساء و10 رجال، بما في ذلك كلوت. ولا توجد وسائل نقل آلية، وكلّ ما يحتاجون إليه يجب جرّه أو حمله، بما يصل إلى 200 كغم للشخص الواحد. غيّرتْ المواقع بسبب عدم الاستقرار السياسي – غويانا الفرنسية French Guyana بدلا من البرازيل، ولابلاند Lapland بدلا من سيبيريا، والمملكة العربية السعودية بدلا من إيران – لكن الهدف ظلّ نفسه. يقول كلوت: «دارسة جميع عمليات التكيّف Adaptation، والآليات الموجودة في الدماغ والجسم، لفهم كيف يمكننا التكيّف». وهو لا يعني بالتكيّف نوعا ما من الاستجابة التطوريّة السريعة، بل يتحدّث بصورة أعمّ عن كيفية تفاعل أجسامنا وأدمغتنا، سواء أكان ذلك للتأقلم أم غيره، وكيف يتصرف الأشخاص في مثل هذه الظروف القاسية.

اكتملت بعثة غويانا الفرنسية في يناير، في حين انتهتْ مرحلة لابلاند في أبريل. بدأتْ التجربة السعودية في أوائل شهر مايو في قرية اسمها سكاكا، على بعد 210 كم بخط مستقيم من نهاية قبة، وهي واحة تقع على حافة محميّة الملك سلمان بن عبد العزيز الملكية. كان رواد المناخ يسيرون مسافة تصل إلى 10 كم يوميا، حاملين معداتهم فوق الكثبان والصخور، تتربص بهم العقارب، والثعابين، والعواصف الرملية. يقول كلوت: «الرمال فظيعة». كانوا ينطلقون في الساعة الخامسة صباحا كل يوم ويسيرون لمدة خمس ساعات، ويتخذون ملجأ في الجزء الأكثر حرارة من اليوم، ثم يسيرون مرة أخرى في المساء. وفي كل خامس يوم، كانوا يتوقفون للراحة.

طيلة الوقت، وضعوا أجسامهم تحت عدسة العلم. تقول كبيرة العلماء مارجو رومان مونييه Margaux Romand-Monnier من المدرسة العليا للأساتذة Ecole Normale Supérieure في باريس: «درسنا الفرد قدر الإمكان – من ناحية الفيسيولوجيا، وعلم التخلق (ما فوق الجينات) Epigenetics، والميكروبيوتا Microbiota». «درسنا أيضا المهارات المعرفية Cognition ولدونة الدماغ Brain plasticity، ومن ثم أجرينا مجموعة أخرى من الدراسات لاستقصاء كيفية تطور المجموعة وكيف تغيّرتْ ديناميّتها منذ بداية البعثة حتى النهاية».

وكان جزءا من جمع البيانات عملية مستمرة. ارتدى رواد المناخ Climatonauts مقاييس تسارع لمراقبة حركتهم ونومهم، ومقاييس اجتماعية لتسجيل تفاعلاتهم مع أعضاء المجموعة الآخرين – من هم قريبون منه وما إذا كانوا يتكلّمون معه، لكن دون تسجيل محتوى المحادثة. كل بضعة أيام، كانوا يبتلعون جهاز استشعار لمراقبة درجة حرارتهم الداخلية. كما ملأوا استبانات يوميا عن حالتهم الشعورية والجسميّة وسجّلوا ما يأكلونه – نظام غذائي رتيب من الوجبات المعاد ترطيبها، والخبز العربي، والجبن المعالج، والفواكه المجففة، والمكسرات، والبسكويت.

وفي أيام الراحة، خضعوا جميعا لمجموعة من الاختبارات الجسمية والمعرفية، بما في ذلك معدل ضربات القلب، وضغط الدم، ووضعية الجسم، وتوتر العضلات Muscle tone، ومستوى الأكسجة Oxygenation والذاكرة، والانتباه، وما وراء المعرفة Metacognition، والإدراك الحسي. (أجريت اختبارا للرائحة وأخفقْت فيه، إذ أخطأْت في تحديد السمك معتقدا أنه بصل؛ من الواضح أن الحرارة الخانقة شوّشتْ بصلتي الشمية Olfactory bulb). وأخذت عينات من الدم والبراز، لتقييم الميكروبيوم Microbiome المعوي.

ما إن تُجمع هذه المجموعة الهائلة من البيانات وتنظف Clean up فأنها سترسل إلى 13 مجموعة بحثية متعاونة لتحليلها، إلى جانب البيانات من البعثتين الأخريين. سوف يتتبعون التغييرات بمرور الوقت ويقارنون البيانات مع القياسات الأوليّة المأخوذة قبل الرحلات. سوف يستغرق الأمر عاما على الأقل للحصول على النتائج الكاملة.

تقول رومان مونييه إنّ هناك بعض الأبحاث الموجودة، لكنها تقتصر على التكيّف الفيسيولوجي على المدى القصير في صفوة العسكريين والرياضيين. تقول: «إنه لأمر محبط فعلا لأنّ هناك الكثير من الأدبيات المنشورة ويخال الجميع أننا نعرف كل شيء بالفعل، فيسألونني مستغربين ما الذي ستدرسينه؟ لكنّ بالنسبة إلى مجموعة عادية من البشر في هذا النوع من المناخ ولتلك المدة، فإننا لا نعرف شيئا».

غير أنّ لديهم فرضيات بناءً على البيانات التجريبية من رحلات كلوت الفردية. يقول كلوت إنّ الفيسيولوجيا ربما لا تستطيع التكيّف كثيرا، لكن يبدو أنّ الطريقة التي نفكر ونعمل بها يمكن أن تستجيب استجابة إيجابية. ويقول، بناء على تجاربه: «يمكن للدماغ أن يتغير كثيرا، ويمكن أن يتغير بسرعة كبيرة. بعد 40 يوما، يتكيف العديد من البشر مع الظروف الجديدة». إنها حالة من سيطرة العقل على المادة.

بالنسبة إلى مجموعة من الأشخاص الذين مكثوا في الصحراء لمدة 40 يوما و40 ليلة، يبدو أن رواد المناخ يتمتعون بصحة جيدة بصورة ملحوظة. لكن وقع عليهم الاختيار بالطبع على وجه التحديد لأن لديهم الصفات المناسبة. تعترف رومان مونييه بأنّ هذه نقطة ضعف في الدراسة، لأن معظم الأشخاص الذين سيعانون المناخ المتطرف في المستقبل لن يكونوا شبابا، وأصحاء، ويرتدون نعالا وملابس خاصة، ويحصلون على الغذاء والشراب الكافيين. ولن يعرفوا أن هناك نقطة نهاية محددة ستنتهي بعدها التجربة. لكنّها تقول إنّ علينا أن نبدأ من مكان ما، والخطة هي إعادة إجراء البعثات مع مشاركين يمثلون خلفيات وأعمارا مختلفة.

موجات حرّ متكررة
إن فهم كيفية استجابة الأشخاص العاديين للمناخ المتطرف لا يمكن أن يكون أكثر إلحاحا منه الآن. في الفترة التي سبقتْ بداية التغيّر المناخي، لم يكن أحد تقريبا يعيش في ظلّ ظروف شديدة الحرارة على مدار العام. يقول لينتون إنّه في منتصف ستينات القرن العشرين، ربما كان يعيش 10 ملايين شخص خارج الكوّة المناخية. أمّا الآن فهناك نحو 60 مليون شخص يعيشون خارجها، جلّهم في البلدان ذات الدخل المنخفض مثل الهند ونيجيريا وإندونيسيا. وترجع هذه الزيادة جزئيا إلى النمو السكاني، لكنها ترجع أيضا إلى التغيّر المناخي.

لا تزال ذروة متوسط الحرارة السنوية بالنسبة إلى التوزيع الحالي للكثافة السكانية تبلغ 12°س (54 درجة فهرنهايت)، لكن هناك الآن ذروة أخرى أصغر قيمتها 25°س (77 درجة فهرنهايت). يقول لينتون إن هذا يرجع إلى حدّ كبير إلى الناس الذين يعيشون في شبه القارة الهندية، حيث صارتْ الظروف الأكثر سخونة هي القاعدة. درجة الحرارة هذه تقع ضمن كوتنا المناخية، لكنّها بالكاد ضمنه، إذ تدفع موجات الحرّ المتكررة الظروف إلى حرارة لاهبة، والتي يعرّفها لينتون بمتوسط سنوي قدره 29°س (84 درجة فهرنهايت). حتى الأماكن الموجودة في مكان راسخ في الكوّة ستجد نفسها أحرّ. يقول لينتون: «ربما ستزاح مجموعة من الناس ممّا كان مناخا رائعا تاريخيا، من 12 إلى 13°س على سبيل المثال، ليجدوا أنفسهم الآن في متوسط درجة حرارة 17 °س أو ربما حتى 20°س».

وسوف تستمر الأعداد المتضررة بالتزايد مع ارتفاع درجات الحرارة. ويقول لينتون إنّه إذا تمكّنا من حدّ الاحترار العالمي بسقف 1.5°س فوق مستويات ما قبل الصناعة، فسوف ترتفع الحرارة ارتفاعا شديدا على مناطق يعيش فيها 400 مليون شخص حاليا. أمّا إن وصلنا إلى زيادة تعادل 2.7°س، وهو ما سنصل إليه إذا استمرت الالتزامات المناخية الحالية، فإن ذلك سيرفع العدد إلى 2 بليون. ويقول: «في العالم الذي سترتفع فيه الحرارة 2.7°س، سيتعرّض أكثر من 600 مليون شخص في الهند وأكثر من 300 مليون شخص في نيجيريا للحرارة اللاهبة»، إضافة إلى ملايين آخرين في إندونيسيا والفلبين ومساحات شاسعة في منطقة الساحل في إفريقيا.

والجدير بالذكر بالطبع أنّ هذه ليست دولا غنية. المملكة العربية السعودية دولة غنية، ومعظم الناس فيها قادرون على تعديل أماكن معيشتهم للبقاء ضمن الكوّة المناخية المناسبة. لكنّ الأمر ليس كذلك بالنسبة إلى البلدان ذات الدخل المنخفض التي تقف على الخطوط الأمامية للحرارة اللاهبة.

يقول لينتون: «يمكن للأثرياء العثور على حلول مثل المباني المكيّفة والحصول على مياه البحر المحلاة، وإيجاد طرق أخرى لمواصلة الازدهار في المناخات القاسية. لكن هذا لن ينجح إلّا إن كان لديك ما يكفي من الموارد. فهناك عدد مهول من الناس على هذا الكوكب مازالوا يعيشون تحت خط الفقر، وعدد كبير من الأشخاص الذين لا يملكون الوسائل للحصول على بعض خيارات التكيّف هذه».

بالنسبة إلى هؤلاء الناس، التكيّف الأكثر احتمالا هو الهجرة الجماعية. يقول مارتن شيفر Marten Scheffer، زميل لينتون من جامعة فاخينينجن Wageningen University في هولندا: «إن الاستجابة الطبيعية هي الانتقال إلى أماكن أفضل، ونحن نرى ذلك يحدث للطيور والنباتات، وقد حدث ذلك عبر تاريخ البشرية. سيكون التكيّف الطبيعي جدا أن تؤخذ الهجرة في الاعتبار، وليس مجرد هجرة عشرات الملايين من الناس. بل قد يكون بليونا أو نحو ذلك».

ليس من الواضح كيف سيستجيب العالم لمثل هذه الحركة الجماعية، إلّا أنّ موقف الغرب الحالي تجاه أعداد أقل بكثير من اللاجئين لا يبشر بخير. لكنّ انزياح الكوّة المناخية سيخلق على الأقل أماكن أكثر ملائمة للعيش عند خطوط العرض Latitude العليا والدنيا. يقول شيفر: «هناك جانب مشرق. بعض الأماكن تسوء، لكنّ أخرى تتحسن. ليس الأمر كما لو أنّ الأرض كلها ستصير غير صالحة للعيش».

يبدو من المؤكد أنّه لا يمكن العيش في صحراء المملكة العربية السعودية. شعرْت بأن اليومين اللذين أمضيتهما هناك كانا دهرا، وشعرْت بالارتياح للعودة إلى الفندق. كان هناك مكيّف هواء وحوض سباحة. 

عندما كان رواد المناخ يفكّكون معسكرهم بإنهاك للمرة الأخيرة، سألْت بعضهم عن أشدّ ما كانوا يتطلعون إليه ما إن يعودوا إلى منازلهم. قال معظمهم إنّه الطعام اللذيذ، والنوم، والاستحمام، والأسْرة، والأصدقاء، والقليل من العزلة – والراحة من الحرارة. سوف يشتاق الكثير منا إلى ذلك في المستقبل غير البعيد.

بقلم غرايام لاوتون

© 2023, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى