فوهة بركان على كوكب الزهرة هي أوضح علامة على أن الكوكب لا يزال نشط بركانياً
بعد البحث المضني عبر صور الرادار التي جُمعت بواسطة مسبار ماجلان التابع لوكالة ناسا في تسعينات القرن العشرين، وجد الباحثون فوهة بركان صارت أكبر – وهو أول دليل على استمرار النشاط البركاني بقلم أليكس ويلكينز
تغير شكل فوهة بركانية على كوكب الزهرة على مدى ثمانية أشهر هو أول دليل مباشر على أن جارنا الكوكبي لا يزال نشطا بركانياً.
يمتاز كوكب الزهرة بالعديد من السمات البركانية البارزة، مثل الفوهات والأحواض الجافة لبحيرات الحمم البركانية، لكن لم يكن واضحاً ما إذا كانت هذه بقايا ماضٍ بركاني بعيد أو علامات على نشاط حالي.
بين عامي 1990 و1994، استُخدم القمر الاصطناعي ماجلان Magellan التابع لناسا الرادار لرسم خريطة لسطح كوكب الزهرة بالتفصيل، بما في ذلك معالمه البركانية. حتى وقت قريب، كانت الحواسيب غير مجهزة لتحليل الكمية الهائلة من البيانات التي جمعها القمر الاصطناعي. ونظرا للطريقة التي رسم بها ماجلان خريطة سطح كوكب الزهرة، والتقاط الصور كل ثمانية أشهر بزوايا مشاهدة مختلفة، كان من المستحيل البحث آليا عن التغييرات في سمات السطح. وكانت الطريقة الوحيدة لتحديد الاختلافات هي النظر بالعين.
«والمخيف في مثل هذا النوع من البحث هو أنه مثل البحث عن إبرة في كومة قش، إذ لا يوجد ضمان من وجود الإبرة»، كما يقول روبرت هيريك Robert Herrick من جامعة ألاسكا فيربانكس University of Alaska Fairbanks، الذي يعمل جنباً إلى جنب مع سكوت هينسلي Scott Hensley في مختبر الدفع النفاث Jet Propulsion Laboratory التابع لناسا في كاليفورنيا، وقد عرضا النتائج بمؤتمر علوم الكواكب والقمر Lunar and Planetary Science Conference في هيوستن، تكساس، في 15 مارس 2023.
فبالتدقيق في مناطق سطح كوكب الزهرة التي اعتقدا أنه من المرجح وجود نشاط البركاني فيها، وجد الباحثان فوهة في نظام بركان مات مؤنس Maat Mons، موطن أعلى بركان على الكوكب. وبين فبراير وأكتوبر 1991، تغيرت الفتحة من حفرة دائرية مساحتها 2 كيلومتر مربع إلى حفرة ضحلة وغير منتظمة تبلغ مساحتها ضعف حجمها تقريباً. في الصور اللاحقة، نشأت أيضاً سمات منحدرة من الفتحة التي بدت كأنها تدفقات حمم بركانية نشطة، لكن الصور لم تكن واضحة بما يكفي لتمييز ذلك. ويقول هيريك: «التفسير المعقول هو أن بحيرة الحمم البركانية تشكلت خلال تلك الأشهر الثمانية، وأن الحمم البركانية تدفقت على المنحدرات».
بينما تثبت النتائج صحة العديد من التنبؤات والفرضيات حول النشاط البركاني النشط على كوكب الزهرة، فإنها لا تخبرنا كثيراً عن وتيرة الانفجارات البركانية على الكوكب لأنها العينة الوحيدة التي لدينا – ولكن حقيقة أننا رصدنا ذلك يمكن أن تخبرنا بشيء.
«هناك احتمال أننا لاحظنا الشيء الوحيد الذي حدث على كوكب الزهرة في آخر 1000 عام وكان مصادفة محظوظة بشكل لا يصدق، ولكن الاحتمالات هي أنه إذا رأينا شيئاً ما يتغير خلال فترة قصيرة مدتها ثمانية أشهر، فإن الانفجارات البركانية على الأقل تحدث في كوكب الزهرة بمستوى مماثل للبراكين البركانية على الأرض، أي في إطار زمني كل بضعة أشهر»، كما يقول هيريك.
هذا، وتقول فيليبا ماسون Philippa Mason من جامعة إمبريال كوليدج بلندن Imperial College London: «نعلم أن كوكب الزهرة يجب أن يكون نشطاً، ولكن توثيق ذلك باستخدام بيانات ماجلان أثبت حتى الآن أنه أمر صعب جدا».
إن تأكيد أن كوكب الزهرة نشط بركانياً مفيد بشكل خاص في ضوء البعثات القادمة إلى الزهرة، كما يقول ماسون، مثل بعثة انفيزون EnVision التابع لوكالة الفضاء الأوروبية والأقمار الاصطناعية VERITAS التابعة لناسا. فستستخدم هذه المهمات الرادار – كما فعل ماجلان، ولكن بشكل أكثر تقدماً – لرسم خريطة لسطح الكوكب وداخله، إضافة إلى التحليل الطيفي لتحليل الغازات في غلافه الجوي. ستعلمنا هذه الأساليب المزيد عن مدى وطبيعة البراكين على كوكب الزهرة.
بقلم أليكس ويلكينز
© 2023, American Association for the Advancement of Science. All rights reserved