أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ذكاء اصطناعي

هل من الأخلاقي استخدام أدمغة صغيرة معقدة لتعزيز الذكاء الاصطناعي؟

يمكن أن تكون العضيوات الدماغية أكثر فعالية من الذكاء الاصطناعي المعتمد على السيليكون في مهام معينة. ولكن مع ازدياد تعقيدها، متى يجب أن نتدخل لحماية رفاهها، يتساءل مايكل لو بيج

هل نريد مستقبلاً تقوم فيه مراكز البيانات المليئة بالأدمغة الحية بلا جسد بمهام مختلفة لنا؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه العمل الذي تقوم به ثلاثة فرق على الأقل حول العالم.

في عام 2021، نشرتُ تقريراً عن كيفية قيام بريت كاغان Brett Kagan، في مختبر كورتيكال Cortical Labs في أستراليا، بزراعة صفائح مسطحة من خلايا دماغ الفئران والبشر، وربطها بأقطاب كهربائية وجعلها تلعب ألعاباً مثل لعبة Pong. قال لي في ذلك الوقت: «كثيراً ما نشير إليها على أنها تعيش في المصفوفة Matrix [إشارة إلى الفيلم]… عندما تكون في اللعبة، فإنها تعتقد أنها المضرب».

انتقل كاغان إلى العمل مع عضيوات Organoids دماغية أكثر تعقيداً، وهي «أدمغة صغيرة» ثلاثية الأبعاد يمكن زراعتها من الخلايا الجذعية Stem cells. في فبراير 2023، نشر هو و20 آخرون بياناً يدعو إلى تطوير «الذكاء العضيوي» Organoid intelligence. بعد ذلك، في شهر مارس 2023، تبين أن فريقين آخرين يقومان بتجارب مماثلة.

لماذا؟ الحجة هي أنه في حين أن أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل GPT-4 تقوم ببعض الأشياء المدهشة، إلا أن ذلك يتم تحقيقه من خلال جعل الأنظمة أكبر وأكبر واستخدام كميات هائلة من الطاقة لتدريبها على مجموعات بيانات ضخمة أكثر من أي وقت مضى.

أدمغة الحيوانات مختلفة جداً وأكثر كفاءة. إذ يمكننا نحن الحيوانات أن نتعلم من رؤية أمثلة قليلة فقط لشيء ما، وحتى الدماغ البشري يستخدم نحو 20 وات فقط من الطاقة – أي أقل من العديد من أجهزة الحاسوب المحمولة. لذا فإن الفكرة تقوم على أن الأدمغة الحية، أو على الأقل أنسجة المخ الحية، يمكن أن تكون أكثر كفاءة من الذكاء الاصطناعي القائم على السيليكون في بعض المهام.

أجد هذه الفكرة مزعجة. إن «الدماغ في وعاء» سيكون بمثابة مستعبد عاجز تماماً، ويفتقر إلى القدرة على الشعور بأي شيء آخر غير ما يختاره صاحبه.

ولكن، مرة أخرى، كل عام نربي بلايين الحيوانات المفكرة وذات المشاعر ليتم ذبحها من أجل الغذاء. الدجاجة في مزرعة هي أيضاً مستعبدة عاجزة. هل يختلف ذلك أخلاقياً استخدام العقول في وعاء للقيام بالعمل لصالحنا، بشرط ألا تعمل عند المستوى البشري؟

في الوقت الحالي، لا تشبه عضيوات الدماغ الأدمغة الحقيقية. إنها مجموعات غير منظمة من خلايا الدماغ التي يبلغ عرضها بضع ملليمترات فقط، ولا تقترب حتى من دماغ حيواني بسيط. هناك اتفاق عام على أنها غير مدركة Aware أو واعية Conscious وغير قادرة على الشعور بالألم والعواطف.

لكن الباحثين يصنعون المزيد والمزيد من العضيوات الدماغية المتطورة، وذلك بشكل أساسي لدراسة أمراض الدماغ. يتضمن العمل الأخير دمج عضيوات الدماغ البشري مع أدمغة الفئران. وإذا ثبت أنه من الممكن الاستفادة من عمل العضيوات الدماغية، فسيكون هناك حافز أقوى لتطوير كائنات أكثر تعقيداً.

ما الذي ينبغي أن يتضمنه «رفاه العضيوات» Organoid welfare إذا ما صارت ذات إدراك؟ ما مقدار الراحة والنوم الذي تتطلبه العضيوات المتطورة؟ هل ينبغي السماح لها بالتجول بحرية في المشاهد الطبيعية الافتراضية أثناء فترات الراحة؟

والأهم من ذلك، أين نرسم الحدود؟ يقول مؤلفو «بيان العضيوات الذكية» Organoid intelligen cemanifesto إننا بحاجة إلى البدء في تحديد حدود ما هو مقبول الآن. لكن يبدو لي أننا ما زلنا لا نعرف ما يكفي عن الوعي والشعور Feeling حتى نتمكن من رسم حدود واضحة – فأين يجب أن يكون هذا الخط إذن؟ عند مستوى الكلب؟ أو الدولفين؟ أو الأخطبوط؟

ربما لن يكون هذا مشكلة على الإطلاق. فاستناداً إلى التجارب التي أجريت حتى الآن، من الصعب أن نرى كيف يمكن للشركات أن تحقق أرباحاً من مثل هذه التجارب في أي وقت قريب. وبدلاً من ذلك، يبدو لي أنه سيكون من العملي أكثر جعل الذكاء الاصطناعي القائم على السيليكون يحاكي الأدمغة البيولوجية بدلاً من تحويل الأدمغة البيولوجية في الأوعية إلى ذكاء اصطناعي. لكن هل هذا أفضل من الناحية الأخلاقية؟

أفترض غريزياً أن أي شيء يشبه الدماغ يعتمد على الخلايا يجب أن يكون أكثر وعياً وإحساساً من أي شيء من السيليكون، لكن لا يمكنني تبرير ذلك منطقياً. ربما ينبغي لنا أن نقلق بشأن رفاه الذكاء الاصطناعي في المستقبل بدرجة قلقنا نفسها بشأن كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي في رفاه الإنسان في المستقبل.

بقلم مايكل لو بيج

© 2023, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى