أحد صفحات التقدم العلمي للنشر
ملف خاص

أفكارٌ جديدةٌ عن أسباب حب الشباب الشائع تأتي بعلاجاتٍ جديدةٍ

بدأنا أخيراً نعرف ما يحدث لجلد الإنسان وميكروبيوم أمعائه حين يُصاب بحب الشباب، مما سيمنحنا أهدافاً جديدةً للعلاج

أشارَتْ امرأةٌ مسنةٌ إلى صدغي المُنَقَّط وسألتني: «هل تعرّضْتِ للّدغ؟». هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها هذا. عادةً، أُجاري ذلك لأجنّب من يستفسر الإحراج، لكن طفح الكيل. قلتُ لها: «إنّه حب الشباب». اتضح عليها الارتباك، لكنها طمأنتني أنه يجعلني أبدو أصغر عمراً، وذلك بناءً على فكرة أنّه لا يُصاب بحب الشباب (العدّ الشائع) Acne إلّا المراهقون.

ربما يرى أحد المارة في الشارع بثوري ويعتقد أنني يافعةٌ بعمر 17 عاماً لا 32. ربّ ضارةٍ نافعة.

يُصيب حب الشباب بدرجةٍ ما أكثر من 640 مليون شخصٍ في معظم أنحاء العالم، وغالباً ما يظهر في فترة البلوغ. عندما كنْتُ مراهقةً تمتعْتُ بجلدٍ خالٍ من العيوب، فافترضْتُ أنني نجوت من منطقة الخطر سالمةً نسبياً – لم أعاني حب الشباب  في فترة مراهقتي، لذا من المؤكد أن فترة الرشد كانتْ آمنةً، أليس كذلك؟ لقد ظهر العدّ في منتصف العشرينات من عمري، ولست وحدي. اتضح أن حب الشباب يمكن أن يصيب أي عمرٍ.

الميكروبيوم في أجسامنا – الميكروبات الموجودة في أمعائنا، وعلى جلدنا، وفي جريبات الشعر

لا شك  في أن الهرمونات Hormone تؤدي دوراً، لكنها ليست السبب الوحيد: فالنظام الغذائي ونمط الحياة والجينات لها تأثيرها أيضاً. ومع ذلك، هناك عاملٌ اشتُبِه منذ فترةٍ طويلة بدوره في حب الشباب، لكن كان من الصعب إثباته. أنا أتحدث عن الميكروبيوم Microbiome في أجسامنا – الميكروبات الموجودة في أمعائنا، وعلى جلدنا، وفي جريبات الشعر.

الآن، أدّتْ موجةٌ من الأدلة الجديدة وقفزةٌ في التكنولوجيا أتاحَتْ لنا دراسة هذا المجتمع المجهري إلى تحوّلٍ في فهمنا للحب الشباب. لأول مرةٍ، يمكننا أن نرى بالفعل ما يحدث على جلدنا أثناء ظهوره، وتقدّمُ هذه الأفكارُ أهدافاً للعلاجات الجديدة التي نحن في أشدّ الحاجة إليها.

حب الشباب في المراهقين
يعتبر البعض أنّ حب شباب المراهقين الشائع وحب شباب البالغين حالتان مستقلتان. يصيب حب شباب المراهقين الشائع في المقام الأول الجبهة والأنف والذقن، المعروفة أيضاً بالمنطقة T. أمّا عدّ البالغين الشائع فيغلُبُ أن يُسبب بقعاً – على شكل رؤوس بيضاء ممتلئةً بالقيح – على أسفل الذقن والفكّ والرقبة. وتقول أماندا نيلسون Amanda Nelson من جامعة ولاية بنسلفانيا Pennsylvania State University إنّه باستثناء مواقع البقع، لا يوجد دليلٌ قويٌ يدعم كون حب شباب البالغين وحب شباب المراهقين مختلفَين كثيراً عن بعضهما.

مهما كان العمر الذي يُصاب به الشخص بحب الشباب، فإنّه يمكن أن يؤثر في نوعية حياته. ارتبط حب الشباب بالاكتئاب Depression والقلق Anxiety وحتى بالأفكار الانتحارية، بصورةٍ خاصةٍ بين أولئك الذين تزيد أعمارهم على 25 عاماً. كما يختلف الأمر بين الأفراد. يقول جون باربيري John Barbieri من كلية الطب بجامعة هارفارد Harvard Medical School: «يمكن أن تكون لديك بثرتان فتعتقد أنك تعاني حب الشباب؛ يمكن أن تكون لديك بثرتان وتعتقد أنّك لا تعاني حب الشباب». ويقول إن هذا يجعل من الصعب تحديده أو قياسه. ومما يزيد الطين بِلةً أنّ ما نعتبره جلداً «طبيعياً» ربما يتغيّر مع مرور الوقت. يقول باربيري: «في هذه الأيام، يشعر الجميع بأنّ عليهم أن يصيروا نجوماً سينمائيين، مع انتشار مُرشّحات (فلاتر) إنستاغرام Instagram وما إلى ذلك».

ما الذي يُسبِبُ حب الشباب
بِغضّ النظر عن معايير الجمال لديك، فقد رأى معظم الناس بقعةً على وجوههم وتساءلوا عن سببها. المشكلة الرئيسة هي إفراط إنتاج الزُّهم Sebum، وهي مادةٌ زيتيةٌ تُحافظ على رطوبة الجلد، لكنّها يمكن أن تسدّ المسام أيضاً. تصير هذه غذاءً لبكتيريا تُسمى البروبيونية العديّة كيوتيباريوم آكنيس Cutibacterium Acnes، والتي تكثُرُ في جريبات شعرنا، ويمكن أن تُحفّز الجهاز المناعي Immune system ليسبب التهاباً في الجلد، مما يؤدي إلى ظهور حب الشباب.

تقول نيلسون: «إنها دائرة تغذي جميعها بعضها بعضا. إذ تسببُ زيادةُ الزُهم اشتدادَ الاستجابة الالتهابية في الجُريب. ومن ثمّ ينغلق الجريب، مما يؤدي إلى تراكم الزُهم، مما يسبب المزيد من الالتهاب، فتزداد البكتيريا C. acnes، مما يزيد الزُهم، مما يسبب المزيد من التهيج».

وتشارك في ذلك أيضاً خلايا الجلد التي تسمى الخلايا الكيراتينيّة Keratinocyte، والتي يمكن أن تسدّ مسام الجلد. وتشكل الخلايا الكيراتينيّة الغالبية العظمى من جلدنا، وتساعد على الحماية من غزو الميكروبات والحفاظ على الجلد رطباً. لكنها تنقسمُ في حالة حب الشباب انقساماً غير طبيعيٍ وتتساقط بسرعةٍ أكبر، مما قد يكون سبباً أو نتيجةً للالتهاب.

مستويات الهرمونات
ما لا نعرفه هو ما الذي يدفع التحول الأولي إلى إنتاج المزيد من الزُهم، بصورةٍ خاصةٍ لدى البالغين. يقول باربيري: «سبب حدوث هذا غير مؤكدٍ. ربما يتعلق الأمر بالهرمونات، لأنها تجعلنا نُصاب بحب الشباب في أعوام المراهقة». وتشمل هذه الهرمونات مستوياتٍ أعلى من هرمون عامل النمو الشبيه بالإنسولين 1 Insulin-like growth factor 1 (اختصاراً: الهرمون IGF-1) والأندروجينات Androgen، التي قد تعزز إنتاج الزُهم لدينا. الإناث أكثر عرضةً للإصابة من الذكور، إذ غالباً ما يُسَبِبُ تقلّبُ مستوياتِ الهرمونات ظهورَ العدّ في الحمل أو في مراحل مختلفةٍ من الدورة الشهرية.

تؤدي الجينات أيضاً دوراً، إذ يمثل تاريخ العائلة عامل خطرٍ واضحاً، حتى ولو قال والداي إنّهما لم يعانيا حب الشباب مطلقاً. هناك 60 جيناً و100 متغيرٍ جيني Genetic variant ذو دورٍ لدى الأشخاص ذوي الأصول الآسيوية والأوروبية، ويبدو أن العامل الرئيس هو جين TNF، الذي يؤثر في استجاباتنا الالتهابية، وجينا CYP17A1 وFST، اللذان يؤثران في الغدد المنتجة للزُهم.

عندما يتعلق الأمر بنمط حياتنا، قد يكون للتوتر تأثيرٌ أيضاً. رُبِطَ الشعورُ بالإرهاق بزيادة إفراز الهرمونات مثل الهرمونات القشرية السكرية Glucocorticoid والأندروجينات الكظرية، التي يمكن أن تؤدي إلى تفاقم العدّ الشائع، ربما بتحفيز زيادة إنتاج الزُهم. ولكنّ تناول الشوكولاتة أو الكربوهيدرات في المواقف العصيبة يمكن أن يجعل الأمور أسوأ، لأن مثل هذه الأطعمة ترفع بسرعةٍ مستوى السكّر في الدم، مما يغير مستويات الهرمونات. حتى شُرْبُ الحليب يسهم في ذلك، ربما لأن الأحماض الأمينية Amino acid الموجودة فيه تعزز الإشارات الهرمونية التي قد تزيد بذلك إنتاج الزُهم، وذلك بحسب بودو ميلنِك Bodo Melnik من جامعة أوسنابروك University of Osnabrück في ألمانيا. لاحظْتُ شخصياً تحسّناً في حب الشباب على ظهري، لكن ليس على وجهي، منذ أن تحولّتُ إلى حليب الشوفان.

ميكروبيوم الأمعاء
بالطبع، ليست الهرمونات وحدها من يتأثر بنظامنا الغذائي. يؤثر الطعام الذي نتناوله أيضاً في مجتمع البكتيريا والفطريات والفيروسات الموجودة في أمعائنا، والمعروفة مجتمعةً بـ ميكروبيوم الأمعاء. حتى وقتٍ قريبٍ، مثّلَتْ دراسته تحدياً، لأنه كان من الصعب – والمكلف – فصل الأنواع المختلفة الموجودة. لكنّ التقدم التكنولوجي يسمح لنا الآن بالتغلب على كلا العائقين. وقد أدى ذلك إلى اكتشاف روابط بين ميكروبيوم الأمعاء والعديد من الحالات المرضيّة، بما في ذلك الاكتئاب والقلق وحتى داء باركنسون Parkinson’s disease. لم تكن إلّا مسألة وقتٍ قبل أن تخبرنا هذه الرؤى بالمزيد عن حب الشباب أيضاً.

على سبيل المثال، في عام 2018، قارن يونغ شيونغ دينغ Yongqiong Deng من جامعة ساوثويست الطبية Southwest Medical University في لوتشاو Luzhou بالصين، وزملاؤُه عيناتِ برازٍ من 43 شخصاً يعاني حب الشباب مع عيناتٍ من 43 شخصاً لا يعانيه. ووجدوا اختلافاً ملحوظاً في البكتيريا الموجودة: كان لدى المصابين بحب الشباب تنوعٌ ميكروبي أقلّ بكثيرٍ في أمعائهم مقارنةً بالمجموعة الضابطة (مجموعة التحكم) Control group. وكان لديهم أيضاً مستوياتٌ مستنفدةٌ من البكتيريا التي تنتمي إلى أصناف المطثيات (Clostridia، Clostridiales، Lachnospiraceae، Ruminococcaceae)، مما يشير إلى أنها قد تساعد على الوقاية من هذه الحالة.

إحدى الطرق لتغيير الميكروبيوتا Microbiota في أمعائك هي تغيير نظامك الغذائي. يقول باربيري: «ربما يكون الميكروبيوم المعوي انعكاساً للنظام الغذائي. يمكن أن يفرز الأحماض الدهنية Fatty acid قصيرة السلسلة التي تعدّل الالتهاب، مما قد يؤثّر في حب الشباب». في الواقع، لاحظَتْ دراسةُ أُجريت في العام 2018 أن هؤلاء المتطوعين الذين يعانون حب الشباب كانوا يتناولون منتجات ألبانٍ وأطعمةً مقليةً ودهنيةً أكثر من أولئك الذين لا يعانونه، وأشارَتْ أنّ هذا قد يسهم في تفسير الاختلافات التي تظهر في ميكروبيوتا الأمعاء وحب الشباب.

هناك طريقةٌ أخرى قد تغيّر ميكروباتِ الأمعاء وهي تناول البروبيوتيك  المعينات الحيوية Probiotic – وهي ميكروباتٌ قد تساعد على استعادة ميكروبيوم أمعاء معافًى. في عام 2022، لمعرفة ما إذا كان هذا سيساعد على علاج حب الشباب أعطى فابيو رينالدي Fabio Rinaldi، من شركة الأدوية جولياني إس بي إيه Giuliani SpA ومقرها في ميلانو بإيطاليا، وزملاؤُه 30 شخصاً يعانون حب شباب خفيفاً إلى متوسطاً، مزيجاً فموياً من المعينات الحيوية والمُسْتَخْلَصَات النباتية لكي يتناولوه مرةً واحدةً يومياً. بعد ثمانية أسابيع، كان لدى المتطوعين عددٌ أقلّ من البقع، وانخفاضٌ في إنتاجِ الزُهم ومستوياتِ البكتيريا C. acnes على جلدهم مقارنةً بالمشاركين الذين تلقوا الدواء الغُفل (الوهمي) Placebo. كما أُتمّتْ مؤخراً تجربتان مماثلتان، لكننا لا نعرف نتائجهما بعد.

تقول نيلسون إنّ الصعوبة تكمن في أنّ ما يشكل الميكروبيوم الأمثل للأمعاء، وكيف يمكن أن يختلف من شخصٍ لآخر، لم يُحَدَدا بعد. وتقول إنّه دون معرفة ذلك، لا يستطيع الأطباء بسهولةٍ توجيه ميكروبيوم الأمعاء بعيداً عن التسبب في العدّ الشائع. تقول دان آيكينفيلد Dawn Eichenfield من جامعة كاليفورنيا University of California في سان دييغو: «مازال الوقت مبكراً جداً. علينا معرفة أي البكتيريا أكثر فائدةً ثم محاولة تعزيز استعمارها أو استخلاص ما تفرزه».

ميكروبيوم الجلد
وبينما يستمر الباحثون بالتفكّر بشأن الميكروبيوم المعوي، فإن آخرين ينظرون إلى الجلد نفسه. ففي نهاية المطاف، البكتيريا C. Acnes المسؤولة بصورةٍ مباشرةٍ عن حب الشباب موجودةٌ على الجلد. في الواقع، فإن العلاجات الطبية الحالية لحب الشباب المتوسط والشديد تستهدف بكتيريا الجلد، بما في ذلك البنزويل بيروكسايد Benzoyl peroxide، الذي يعمل مطهراً ومضاداً حيوياً Antibiotic. إذا كانت المشكلة كما تشير الفكرة هي وجود عددٍ هائلٍ من البكتيريا، فإن إزالتها يمكن أن يكسر الدورة اللانهائية من إنتاج الزُهم الفائض الذي يزيد أعداد البكتيريا، مما يزيد الالتهاب وحب الشباب.

ومع ذلك، فإن في هذا النهج مشكلةً: فهو غير مُمَيزٍ، إذ يقضي على جميع البكتيريا الموجودة على الجلد إضافةً إلى البكتيريا C. acnes. فضلاً عن ذلك، لا يمكن عادةً تناول المضادات الحيوية إلّا لفترةٍ قصيرةٍ لمنع تطور مقاومة المضادات الحيوية.

وفي محاولةٍ لحصر الاستهداف بالبكتيريا C. acnes، وسّع الباحثون نطاق بحثهم. على سبيل المثال، لجأتْ إحدى المجموعات إلى مصدرٍ يبدو غير محتملٍ، لكنه كان مثمراً بصورةٍ مدهشةٍ: البراز. في عام 2009، أُعطي الأشخاص الذين يعانون حب شباب خفيفاً إلى معتدلٍ غسولاً Lotion يحتوي على سائلٍ من أطباق اختبار البِتري التي تُزْرَعُ فيها المكورات المعوية البرازية إنتيروكوكوس فيكاليس Enterococcus faecalis – وهي بكتيريا معزولةٌ من البراز البشري أظهرَتْ نشاطاً مضاداً حيوياً للبكتيريا C. acnes. وبعد ثمانية أسابيع، خفّضَ الغسول بقع المتطوعين أكثر من الدواء الغُفل. ربما ليس من المستغرب أنّه لم يلقَ رواجاً.

على الرغم من كل هذه الجهود، تأخّرَتْ التطورات إلى أنْ تحسّنَتْ التكنولوجيا بما يكفي لتمكين العلماء من إلقاء نظرةٍ فاحصةٍ على ما يحدث على الجلد. ما وجدوه كان مفاجئاً: فالمشكلة ليست ببساطةٍ وجود أعدادٍ كبيرةٍ من البكتيريا C. Acnes، بل في وجود أعدادٍ كبيرةٍ من سلالةٍ واحدةٍ.

بكتيريا البروبيونية العديّة الموجودة على الجلد. صورة: KATERYNA KON / SCIENCE PHOTO LIBRARY

ازدياد الالتهاب
اتضح أن هناك أكثر من سلالةٍ من البكتيريا C. Acnes تعيش على جلدنا. في العادة، تعيش السلالات جنباً إلى جنب في توافق، لكن إذا اختلّ التوازن وبدأت إحدى السلالات – تُسمى السلالة IA1 – تسيطر في حين تراجعَتْ سلالةٌ أخرى – السلالة II – فقد يؤدي ذلك إلى ظهور حب الشباب. تقول جوان عطية-فينيو Joan Attia-Vigneau من شركة لوكاس ماير لمستحضرات التجميل Lucas Meyer Cosmetics في تولوز بفرنسا: «إن اختلال التوازن بين هذه السلالات يزيد الالتهاب، مما يزيد إفراز الزُهم».

ومن المثير للدهشة أنّ أحد الأدوية الموصوفة لحب الشباب الشديد المقاوم للعلاج منذ عام 1982، وهو الأيزوتريتينوين Isotretinoin، يستهدف بالفعل هذا الميكروبيوم غير المتوازن. في وقت سابقٍ في هذا العام، وجِدَ أنّه يؤثرُ في الميكروبيوم داخل جريبات الشعر، ويزيد تنوعه الإجمالي ويغير تغييراً انتقائياً توازن سلالات البكتيريا C. acnes، ربما بالتأثير في إنتاج الزُهم. أما المتطوعون في الدراسة الذين تناولوا الأيزوتريتينوين دون أن يروا انخفاضاً في البقع لديهم، فلم تظهر لديهم أي تغييراتٍ في الميكروبيوم.

ومع ذلك، فإن للأيزوتريتينوين عيباً: قد يسبب حالاتٍ مرضيةً خَلْقِيةً ما يجعله غير مناسبٍ للاستخدام أثناء الحمل أو لأولئك اللاتي يرغبن في الحمل. كما أن له العديد من التأثيرات الجانبية، بما في ذلك جفافُ الأغشية المخاطية Mucous membrane في الجسم بسبب انخفاض إنتاج الزُهم، مما قد يؤدي إلى تهيّج العينين والشفتين والأنف.

للعثور على بديلٍ، يجري تقصي طرقٍ أخرى لإعادة توازن البكتيريا الموجودة على جلدنا. تستقصي عطية-فينيو وفريقها المركب G2 dendrimer، اكتشفوا أنه يمكن أن يهاجم السلالة IA1  دون أن يؤثّر في السلالة II. عندما طوّر الباحثون غسولاً يحتوي على جي 2 ديندريماير وأعطوه لـ 20 متطوعاً لمدة 28 يوماً، وجدوا أن تنوع سلالات البكتيريا C. acnes ازداد، فتوازنَتْ IA1 وII، مقارنةً بغسولٍ غُفلٍ.

ومع ذلك، لم تبحث الدراسة فيما إذا كان ذا تأثيرٍ في حب الشباب. لذا، في وقتٍ سابقٍ في هذا العام، طلب بعض أعضاء الفريق إلى 16 شخصاً يعانون حب الشباب استخدام غسولٍ يحتوي على المركب G2 dendrimer على أحد جانبي الوجوه وغسولٍ يحتوي على 10% من البنزويل بيروكسايد على الجانب الآخر. وبعد 28 يوماً، قلّلَ غسول جي 2 ديندريماير عدد الرؤوس البيضاء والرؤوس السوداء بنسبة 21% وعدد البقع الممتلئة بالقيح بنسبة 72%، في حين لم يُلاحَظْ أي تغيّرٍ ذي دلالةٍ إحصائيةٍ على جانب الوجه الذي تلقى بنزويل بيروكسايد. ووجد الباحثون أيضاً عدم وجود تأثيرٍ سلبيٍ للمركب G2 dendrimer في بكتيريا الجلد الأخرى حين اختبروها في خلايا في المختبر.

تقول عطية-فينيو: «بالعمل على الميكروبيوتا، نُقَلِلُ الالتهاب وإفراز الزُهم، ومن ثمّ نُقَلِّلُ الحَطاطات Papule والبثرات Pustule في النهاية». حصلَتْ شركة لوكاس ماير لمستحضرات التجميل على براءة اختراعٍ المركب G2 dendrimer باسم ديندركلير Dendriclear، وهو متوفرٌ حالياً في بعض منتجات العناية بالبشرة.

وعلى الرغم من هذه النتائج الواعدة، إلا أن الأمر لا يزال مبكراً. تقول نيلسون: «ما زلنا نحاول تحديد ماهية الميكروبيوم الطبيعي للجلد، وحتى بعد ذلك، سيكون تعديله أكثر صعوبةً. إن الميكروبيوم الموجود على جلدك يكون مستقراً جداً في مرحلة الرُشد. يجب أن تتجذر هذه البكتيريا وتلك العناصر النشطة (مكونات مستحضرات العناية بالبشرة) وتطردَ ما كان يعيش هناك قبلها».

علاجاتٌ مُخصصةٌ
وكما هي الحال في كل مجالات الطب، فإن النتيجة المثالية ستكون علاجاتٍ مُخَصَصَةً مصممةً وفقاً لاحتياجات كلّ فردٍ. تتساءل نيلسون: «هل يمكن أن نصل إلى مرحلةٍ تذهب فيها إلى طبيب الأمراض الجلدية فيجري لك فحصاً للجلد، واختبار دم، ومسحةً من جلدك، ليحصل على ملف تعريفٍ عنك يشير إلى حاجتك إلى دواءٍ معينٍ؟. هذا هو الهدف لكلّ علاج».

إذن، ماذا يمكننا أن نفعل في حين ننتظر؟ يقول باربيري: «يريد الناس الإجابة عن سؤال: ماذا أفعل؟. لكن في كثيرٍ من الأحيان يكون الأمر مرتبطا بالجينات وبأشياء لا يمكنك التحكّم فيها. في كثيرٍ من الأحيان، لا توجد إجابةٌ مُرْضيةٌ».

نهجي، على الأقل في الوقت الحالي، هو استخدام مُرَطِبَاتٍ خاليةٍ من الزيوت ومُقَشِّرَاتٍ Exfoliator لطيفةٍ للمساعدة على منع الخلايا الكيراتينية من سدّ جلدي. أعلم أن تغطية العيوب بالمكياج قد يؤدي إلى نتائج عكسيةٍ على الأرجح، لكنني لست مرتاحةً لجلدي بما يكفي لأسمح للجميع برؤيته بسهولةٍ. أما بالنسبة إلى الميكروبيوم، فقد تخليّتُ عن حليب البقر وأنا أتناول نظاماً غذائياً صحياً غنياً بالفواكه والخضراوات التي يُعتقد أن ميكروبات الأمعاء المفيدة تحبها. ربما سأتجاوز كلّ حدودي وأقلل تناول الشوكولاتة أيضاً، لإبقائها أكثر سعادةً إلى أن يجد الباحثون في حب الشباب طريقةً لإعادة التوازن إلى الميكروبات المعوية بصورةٍ أدق.

بقلم أليكساندرا ثومبسون

© 2024, New Scientist, Distributed by Tribune Content Agency LLC.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

For security, use of Google's reCAPTCHA service is required which is subject to the Google Privacy Policy and Terms of Use.

زر الذهاب إلى الأعلى